تدخل الممثل في الإخراج... قلة خبرة مخرج أم رغبة نجم في السيطرة؟
لماذا يتدخل الفنان في عمل المخرج، وهل للتدخل حدود؟ متى ينتهي دور الممثل في محاولة التوافق مع المخرج، وما تأثير ذلك على الشكل النهائي الذي يخرج به الفيلم، ومن المسؤول عن نجاحه أو فشله؟
أكّد الممثل محمد سعد بأنه كان يتدخل في إخراج أفلامه السابقة حرصاً على خروجها بشكل معين، وأن تدخله نابع من اقتناعه بأن العمل يباع باسمه ويضاف إلى تاريخه الفني، وعلى رغم ذلك فهو عندما تعاون مع المخرج سامح عبد العزيز في {تتح} لم يتدخل في عمله مطلقاً لأنه يثق في قدراته الإخراجية.كذلك أكد سامح عبد العزيز أنه في البداية كان متخوفاً من تدخل سعد في إخراج العمل ولكن هذا لم يحدث، كما لم يطلب سعد أي تغييرات في أحداث السيناريو الذي أجريت تعديلات عليه من منطلق روح العمل الجماعي.
ويرى المخرج علي إدريس أنه لا يجوز للممثل أن يتدخل في عمل المخرج لأن الأخير لديه رؤية جيدة عن السيناريو، ويعرف كيف يمكن إخراج المشاهد من أولها إلى آخرها وهذا يصعب على الممثل تخيله أو تقديمه؛ مهما بلغت درجة تدخله في العمل فلن يستطيع القيام بمهمة المخرج.وأشار إدريس إلى تأثير ذلك على المنتج الفني، ما تسبب بوجه عام في ضعف مستوى الأعمال التلفزيونية والسينمائية نتيجة لغياب رؤية موحدة، مضيفاً أن ما يحدث الآن على الساحة الفنية يؤكد على عدم احترام رؤية المخرج؛ وأن ثمة ممثلين يفرضون آراءهم على المخرجين بحجة أنهم نجوم شباك ومن حقهم التحكم في أعمالهم، لكنهم لا يدركون أن المخرج يعرف أموراً لا يعرفونها، من بينها كيفية توجيه المصورين والموسيقيين والممثلين وتفاصيل أخرى داخل العمل.يؤيد المخرج مجدي أحمد مبدأ التخصص؛ فيرى ضرورة تخصّص كل فرد في عمله داخل العملية الفنية فيركز الممثل على أدائه وتفاصيل شخصيته التي يجسدها ويترك للمخرج مهمة تنفيذ العمل كله لأنه المسؤول عن الفيلم لا الممثل.أحمد أوضح أن المخرجين الضعاف أصحاب الخبرة القليلة يسمحون للنجوم بالتدخل في عملهم، ما يؤثر سلباً على الفيلم، مشيرا إلى أن حدود اقتراحات الممثل أو تدخلاته تتوقف عند جلسات ما قبل التصوير التي يتفق فيها على الأمور كافة، وهذه قاعدة متعارف عليها بين الفنانين، الذين يؤكدون أن المخرج {ربان السفينة والقائد} ورؤيته هي الأساس في تقديم أي عمل، ومن خلالها قد ينجح أو يفشل.صاحب الحق ذكر المخرج والناقد كامل القليوبي أن وجود المخرج يمنع تدخل أي شخص آخر في عمله مهما كانت مكانته، ولو حدث ذلك يعد المخرج غير واثق في قدراته وإمكاناته الفنية؛ وأوضح: {المخرج صاحب الحق الأول والأخير في أمور الإخراج كافة وكلمته تسري على الجميع، وإذا تهاون في حقوقه فإنه لا يستحق أن يكون مخرجاً. حتى إذا اقترح الفنان بعض الأمور في جلسات ما قبل التصوير فمن حق المخرج أن يقبلها أو لا}.وأضاف: {مهما بلغت درجة صداقة الفنان والمخرج، ينبغي ألا يتعدى كل منهما حدود عمله بل أن يلتزم مكانه لأنه إذا حدث ذلك فسيترك المصوّر موقعه وراء الكاميرا ويذهب ليقف مكان الممثل الذي وقف مكان المخرج. بتطبيق ذلك على العاملين كلهم في موقع التصوير، سيكون رد فعل الجمهور إهماله للعمل وبالتالي تكون الخسارة على الجميع}.{يحمل الفيلم توقيع المخرج والمسؤولية كلها تقع على عاتقه}، هكذا بدأ الناقد رفيق الصبان تعليقه رافضاً تدخل الممثل في إخراج الأفلام من دون ظهور اسمه على الشارات نظراً إلى أن المخرج هو وحده من سيواجه عبارات الذم إذا خرج الفيلم سيئاً}.أما الناقدة ماجدة خير الله فترى أن التدخل يُفسد قدرة المخرج على التصرف كما لو كان يخرج فيديو كليباً للممثل وليس فيلماً، وهذه إهانة للفن وللمهنة، وتعد أحد أسباب انهيار السينما والدراما}. تابعت خيرالله: {البطل مثل بقية أعضاء فريق العمل، وإذا تم السماح له بالتدخل فإن الباب لن يُغلق، على رغم أنه يفترض بالممثل أن يهتم بتقديم دوره فحسب، وإذا لم تعجبه وجهة نظر المخرج عليه من البداية ألا يقبل العمل معه. ولكن مجرد أن يبدأ التصوير عليه أن يلتزم بأوامر المخرج الذي يجب أن يتسم بموهبة القدرة على توجيه الفنانين}.وذكرت أنه {في زمن الفن الجميل كان المخرج يستطيع إخراج الممثل في شكل مختلف عن أفلامه السابقة كافة، لأنه كان يستمع إلى توجيهاته فكان أداء إسماعيل ياسين في أفلام فطين عبد الوهاب مختلفاً عن ظهوره في أفلام حسن الصيفي والأفلام الأخرى، وكان ياسين يسمح بظهور النجوم الآخرين الموجودين معه في العمل؛ فكانت التركيبة بسيطة ومنضبطة، لكن الآن يستطيع النجم ليّ ذراع المخرج وجعل الأحداث لصالحه، مثلما يفعل البعض}.واعتبرت خير الله أن تدخل سعد في عمل المخرج هو السبب المباشر في تشابه أفلامه كافة، وهو ما أدى إلى فشلها على رغم تحقيقها إيرادات مرتفعة فهي لا تعد مؤشراً إلى نجاحه؛ فالجمهور راهناً لم يعد يتذكرها.