ثلاثة أيام وينتهي "الماراثون" الذي استغرق نحو عامين وأكثر، وسيثبت يوم الأربعاء المقبل أن الشعب الأردني قد اجتاز امتحاناً صعباً بجدارة، وأن حملات التشويش والابتزاز لم تؤثر عليه، ولم تفقده وضوح الرؤية، وبهذا فقد ذهب الزبد جفاءً، وأن ما ينفع الناس بقي في الأرض، وأنه لا يصح إلا الصحيح، وأن الصحيح هو أن هذا الشعب صمد في وجه كل حملات التشويش التي لجأت إليها جهات لا تتقي الله في هذا الوطن، ولجأت إلى كل الوسائل لتقحم الأردنيين في ما تعاني وعانته دول شقيقة، ظروفها غير ظروف الأردن، وتجاربها غير تجربته.

Ad

من "الأربعاء" فصاعداً، هناك مرحلة جديدة لابد أن يتعاطى معها الأردنيون بغير ما ساد خلال العامين الماضيين من تشويشات وألاعيب بل ومؤامرات، فمحطة ما بعد الانتخابات يجب أن تكون بداية لقفزة إصلاحية نوعية حقيقية من المفترض أن يشارك فيها الجميع، ومن المفترض أن تأخذ الأردن إلى مرحلة الإنجازات والعطاء، وإلى نهاية مشوار المناكفات الذي يجب أن ينتهي بعد أن بقيت القافلة تغض السير نحو الهدف المقصود، ولم يؤثر عليها نعيق غربان الشؤم ولا مؤامراتهم.

سيكون هناك بعد يوم "الأربعاء" المقبل برلمان جديد، يجب أن يختلف اختلافاً جذرياً عن البرلمان السابق، وسيكون هناك بعد "الأربعاء" المقبل نواب من المفترض أن يكونوا على مستوى الثقة التي منحها لهم الشعب الأردني، فالقادم يتطلب أداءً مميزاً، ويتطلب مغادرة خنادق إضاعة الوقت في الأمور الشخصية وفي الألاعيب الصبيانية، فالأردن الوطن بات بحاجة إلى كل دقيقة بل إلى كل ثانية، والتحديات التي تنتظره عند منعطفات قادمة خطيرة وكثيرة، وتفرض على الجميع الارتقاء إلى مستوى هذه التحديات، وعدم إضاعة الوقت في ما بقينا نتابعه ونشاهده خلال سنوات مكلفة طويلة.

بعد يوم "الأربعاء" المقبل يجب أن تكون هناك حكومة غير كل الحكومات السابقة، غيرها كلها بلا استثناء، ويجب ألا يكون هناك وزراء "ترضية"، أو وزراء يتم اختيارهم على أساس "الشللية"! التي كلفت الأردن كثيراً، والتي جعلت هذا البلد مضرب مثل سيئ في الإقليم والعالم كله.

على النواب الجدد أن يعرفوا ويدركوا أن حصانتهم متوقفة على أدائهم، وأن عمر برلمانهم سيكون أقصر كثيراً مما يتوقعون إن لم يتعلموا من تجارب من سبقوهم، وإن لم يتصرفوا على أساس أن المقاعد التي سيحتلونها لن تكون دائمة، وأنها لو كانت دائمة لما وصلت إليهم... إن الشعب الأردني ملَّ الوعود البرَّاقة، ولن يذرف دمعة واحدة حتى إذا تم حل البرلمان الجديد خلال أسابيع قليلة.