شهد عام 2012 أزمات عدة أدت إلى تقويض السلطة القضائية، بسبب تدخل السلطة التنفيذية في شؤونها، عقب تولي الرئيس محمد مرسي الحكم، ما أثار غضب القضاة، وجعلهم يعلقون العمل في المحاكم ويرفضون الإشراف على استفتاء الدستور، واندلعت شرارة الصدام بين مؤسسة الرئاسة والقضاء، ممثلا في المحكمة الدستورية العليا، في 10 يوليو الماضي، عندما قضت المحكمة بوقف قرار الرئيس محمد مرسي بعودة مجلس الشعب المنحل.

Ad

ورغم قسم الرئيس لليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، فور فوزه في الانتخابات، فإن الصدام بين الرئاسة والقضاء بدأ في 11 أكتوبر، عندما أطاح الرئيس بالنائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود عبر تعيينه سفيرا لدى الفاتيكان.

لكن النائب العام رفض تنفيذ القرار، ودعمه نادي القضاة ومجلس القضاء الأعلى، ما دفع الرئيس إلى التراجع قبل أن يحل موعد الصدام الأعنف حين أصدر مرسي إعلانا دستوريا محصنا في 22 نوفمبر يقضي بإقالة النائب العام، ومنع حل الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشورى.

وهذا الامر أثار غضب القضاة، ودفع نادي قضاة مصر إلى تنظيم اعتصام مفتوح، وتعليق العمل في المحاكم، وإعلان الامتناع عن الإشراف على استفتاء الدستور، كما قررت محكمتا النقض والاستئناف تعليق أعمالهما احتجاجاً على هذا الإعلان، ما أصاب العدالة بالشلل.

أما الثاني من ديسمبر فهو اليوم الذي وصفه القضاة بـ"الأسود"، بعدما حاصر الإسلاميون المحكمة الدستورية العليا، ومنعوا قضاتها من دخول المحكمة خشية إصدار قرار بحل "التأسيسية" و"الشورى"، ثم عادت أزمة النائب العام إلى الواجهة، بعدما استطاع أعضاء النيابة العامة الاطاحة بالنائب العام الجديد المستشار طلعت عبدالله في 16 ديسمبر الماضي، بإجباره على الاستقالة بعد اعتصامهم أمام مكتبه.

وحول سبب الأزمات التي مرت بها السلطة القضائية العام الفائت، قال وزير العدل المستشار أحمد مكي لـ"الجريدة": "ما حدث تداعيات لمجتمع يتحول من نظام استبدادي إلى آفاق الديمقراطية، وهذه الهزة حدثت في كل مؤسسات الدولة ومن بينها القضاء"، مؤكداً أن الأمور ستتغير إلى الأفضل عندما يتوافر مناخ الاستقرار.

وتعرض القضاء خلال العام المنصرم لغضبة شعبية، بعد الأحكام المخففة والبراءات التي حصل عليها متهمون في قضايا قتل الثوار، خلال أحداث ثورة يناير، وأضحى "مهرجان البراءة للجميع" هو الوصف التهكمي لهذه الأحكام.

ومارس القضاء عمله، وسط ضغوط كثيرة، وشهدت ساحات المحاكم هتافات تطالب بتطهير القضاء وتشكك في نزاهته، إلى جانب التظاهرات خارج المحاكم انتظارا للأحكام القضائية، فعند نظر طعن المرشح الرئاسي المستبعد حازم أبوإسماعيل على قرار لجنة الانتخابات الرئاسية باستبعاده، تجمع أنصاره خارج محكمة مجلس الدولة في مشهد وصفه الكثيرون بأنه "إرهاب للقضاة"، وتكرر المشهد مع نظر قضايا متهمين ينتمون للنظام السابق.

وقال رئيس مجلس الدولة الأسبق المستشار محمد حامد الجمل لـ"الجريدة" إن السلطة التنفيذية والرئيس وجماعته أسقطوا الدولة القانونية التي تلتزم بالشرعية، وعطلوا العدالة، مطالباً بضرورة التزام الرئيس بالشرعية الدستورية والقانونية، وإلغاء كل قراراته وإعلاناته غير الدستورية، واحترام أحكام القضاء.

أما رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة ناصر أمين فيرى أن القضاء في مصر يمر بظروف صعبة وخطيرة أخلت بالعدالة، ويجب تغييرها، مضيفا ان مثل هذه الممارسات تشكل اعتداء على العدالة، وتتعارض مع التزامات مصر الدولية ومع المواثيق والمعاهدات المتعلقة بنزاهة العدالة.