بعد يوم عصيب شهد صراعاً شديداً بين مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون ومجلس الشيوخ ذي الأغلبية الديمقراطية، وجد الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه مضطراً لاتخاذ قرار بإيقاف وشل جميع أنشطة الحكومة الفدرالية، في سابقة هي الأولى منذ 17 عاماً، وذلك بعد فشل الكونغرس في تخطي الخلاف المحتدم حول إصلاح النظام الصحي وميزانية العام المالي الجديد الذي بدأ أمس.

Ad

وقبل عشر دقائق فقط من نفاد الأموال رسمياً لدى الحكومة الأميركية، وقع الرئيس الأميركي منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء على قانون "آلية تعطيل الحكومة الفدرالية"، وأمر الوكالات الفدرالية بوقف نشاطاتها، وذلك بعد أن قام بمبادرة أخيرة حذر خلالها من أن شلل الدولة الفدرالية ستترتب عليه "عواقب اقتصادية فعلية".

ووصلت الأمور إلى هذا الحد، بعد أن أصرّ الجمهوريون على ربط موافقتهم على إقرار ميزانية العام الجديد بتأخير تطبيق أو إلغاء تمويل نظام "أوباما كير"، وهو التسمية التي تُطلَق على إصلاح النظام الصحي الذي أقره الرئيس الأميركي عام 2010، الأمر الذي رفضه الديمقراطيون.

وكتب أوباما بُعيد منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء في تغريدة على موقع "تويتر": "أقدموا فعلاً على ذلك. مجموعة من الجمهوريين في مجلس النواب فرضوا للتوِّ تعطيلاً حكومياً حول أوباماكير بدلاً من إقرار ميزانية حقيقية". وكان أوباما اتهم في وقت سابق الجمهوريين باحتجاز أميركا رهينة لمطالبهم السياسية "المتطرفة"، بينما رد خصومه باتهام حلفائه الديمقراطيين بالغطرسة.

وسينعكس تطبيق هذه الآلية على نحو 800 ألف موظف أميركي يعملون في الوزارات والإدارات العامة، وكذلك المستشفيات والضرائب والبريد، والذين وجدوا أنفسهم بدءاً من صباح أمس في عطلة قسرية غير مدفوعة الأجر.

وخفضت وتيرة العمل بشكل كبير في الإدارات الأميركية الكبرى، وأغلقت جميع مكاتب التصاريح والجوازات، وجرى إيقاف الأبحاث العلمية التي تمولها الدولة وغيرها من المصالح الممولة حكومياً، إلا أن أوباما أصدر قانوناً فورياً يضمن "دفع رواتب العسكريين في الوقت المحدد مهما حصل".

وقرار آلية التعطيل سيشمل الرئيس الأميركي شخصياً، على اعتبار أن ثلاثة أرباع موظفي البيت الأبيض (1701 موظف) سيغيبون عن العمل، في حين سيتوقف عمال النظافة وجمع القمامة أيضاً عن العمل، خصوصاً في واشنطن. أما في المجال الصحي، فأعلن مستشفى يقع في ضواحي واشنطن أنه غير قادر على استقبال مرضى جدد، بينما ستتوقف المتاحف الفدرالية والحدائق العامة وإدارات وزارة البيئة عن فتح أبوابها.

وهذه ليست المرة الأولى التي تجد فيها الحكومة الفدرالية الأميركية نفسها أمام هذه المشكلة العويصة، إذ سبق أن تم تفعيل آلية التعطيل في عامي 1995 و1996 خلال الولاية الأولى للرئيس بيل كلينتون. وصوّت وقتها الجمهوريون ضد ميزانية عام 1996 بعد أن رفض كلينتون الديمقراطي التخلي عن قانون منح حق الضمان الاجتماعي والصحي للأميركيين الذين تتعدى أعمارهم 65 سنة.

ودامت الأزمة المالية المرة الأولى ستة أيام من 14 إلى 19 نوفمبر 1995، ثم من 16 ديسمبر إلى 6 يناير 1996 ووجد حوالي 700 ألف موظف أميركي أنفسهم في عطلة قسرية مدة شهر تقريباً.

(واشنطن، لندن - أ ف ب، يو بي آي، رويترز)