لاحظت حساسية الزملاء الكتّاب في الكويت على بعض النقد الموجه لفوز رواية سعود السنعوسي وبالذات تجاه مقال عبده وازن واعتبروه فوقي النزعة ينظر للأدب في الكويت خصوصا والخليجي عموما كأدب ثانوي. وهذه الحساسية توحي لنا بشعور عدم الثقة بما نقدمه من كتابات تحت وقع الصورة النمطية للخليجي المترف. وهو بالتأكيد ما لم يذهب اليه الكاتب الذي أرى أنه كان موضوعيا خصوصا تجاه عمل الزميل السنعوسي وامتداحه له. وما غفل عنه الكاتب هو أن الجائزة تقدم لأفضل عمل روائي لهذه السنة ولا تقدم لمجمل أعمال الروائي. وربما تمنح لأول عمل روائي كما منحت في بريطانيا لكتّاب حصلوا في ما بعد على جائزة نوبل كتوني موريسون. يحق لأي ناقد أن ينتفد عملا ما بغض النظر عن الدولة التي ينتمي لها صاحب العمل. وبالتأكيد نحن نفعل ذات الشيء دون أن نرى حساسية مقابلة.

Ad

وانتقادنا هنا للجائزة، رغم أن الفائز بها هذا العام كويتي كما فاز بها كاتبان من الخليج، يؤكد أن قضية الفوز ليست هي المعيار الوحيد. البوكر اليوم هي الجائزة الوحيدة التي تلقى زخما اعلاميا وأدبيا وتضم في اختياراتها جميع كتاب الرواية العرب. ونتمنى لها الاستمرار والتقدم نحو آفاق أرحب رغم كثرة الانتقادات الموضوعية من قبل نقاد عرب لا يمكن اغفال رؤيتهم النقدية. طموحنا لها أن تكرس نفسها بعيدا عن اشتهاءات العاملين عليها. ورغم قناعتنا بأن الذائقة الأدبية تختلف من لجنة تحكيم الى أخرى الا أن ما نصبو اليه هو لجنة تحكيم تقنعنا أولا بأنها مؤهلة فعلا لتقييم هذه الأعمال. وليكن ذلك على غرار البوكر البريطانية والتي تحتكم في أعمالها لعاملين في الحقل الأدبي قراءة ونقدا.

رئيس لجنة التحكيم رجل اقتصادي له باع طويل في ذلك لا ننكره وهو الدكتور جلال أمين، الذي بالتأكيد سيغضب جدا لو ناقش أحد كتبه أو أبحاثة روائي عربي أو ناقد وله كل الحق في ذلك كما لنا الحق أن نرده لعدم الاختصاص. فالرجل عرّف نفسه بأنه قارئ متميز. وهي صفة لا نجدها في قراءات أدبية أو نقد روائي سابق وتصريحه الكارثي الذي أطلقه يؤكد أن الرجل بعيد تماما عن كتابة الرواية الحديثة في العالم العربي. يقول الدكتور جلال أمين "الرواية من وجهة نظري يعني حدوته كما نعرفها في مصر واذا ابتعدت عن سياق الحدوتة فهي ليست رواية". وهذا التصريح الخطير، بالمعنى الحرفي للكلمة، لرئيس اللجنة يثير فعلا غضب المشتغلين على الرواية اليوم والتي خرجت من سياقها التقليدي الى فضاء التجريب.

الأستاذ الرسام القدير علي فرزات ينطبق عليه ما ينطبق على زميله الرئيس. واحترامنا لموهبته كأحد الشخصيات المؤثرة عربيا في الرسم لا يعني أن نتفق على وجوده في اللجنة، كما لا نتفق على وجود روائي لا يجيد أصول فن الكاريكاتير في تحكيم مسابقة تخص هذا الفن. وتحكيمه لاختيار رواية بعيد عن اختصاصه ومهنته التي أبدع فيها. أما الدكتورة زاهية الصالحي أستاذة الأدب القديم فتصريحها عن الروايات النسوية كان أكثر كارثية من زميلها رئيس اللجنة فهي تعتب على أحلام مستغانمي لعدم المشاركة وتخرج هدى بركات من المسابقة وشتان بينهما.

لكي نقتنع بأن الجائزة تبحث فعلا عن رواية جيدة لكل عام يجب أن توكل المهمة لنقاد لهم وجودهم المؤثر في النقد الروائي العربي والعالمي وما أكثرهم حتى وان اختلفت رؤاهم النقدية. أما اذا كنا نبحث عن "حدوته" فهذا شأن آخر.