تسريح مواطني دول مجلس التعاون من السلك العسكري وخاصة الجيش بهذا الشكل المفاجئ لا يضيف سوى وجه آخر من الظلم الذي بدأت حكومتنا الرشيدة بانتهاجه في الآونة الأخيرة.

Ad

فبعد ضرب البدون بالقنابل الدخانية والقذائف المطاطية والغازات، وبعد إهانة الشباب من الرجال والنساء وقمعهم في الشوارع بالمطاعات، وبعد مطاردة المغردين واعتقالهم، يأتي الدور على أبناء الخليج بظلامة لا يقبلها منطق ولا حس إنساني ناهيك عن طبيعة العمل السياسي للدولة.

وقد بدأت وزارة الدفاع بأبناء البحرين والبدون في "تفنيشهم" دونما أسباب موضوعية أو حتى فنية أو أمنية، ووصمة العار هنا أن قرار فصل هؤلاء شمل كأولوية أبناء الكويتيات وأزواجهن، ومن هم من مواليد الكويت!

ولو كان مثل هذا القرار مبنياً على سياسة حكومية في الشأن العسكري أو كاستراتيجية لإعادة بناء مؤسسة الجيش، لاحترمناه من باب الاختصاص، وبعد إعلان مجلس الوزراء بشكل رسمي لهذا التوجه، ولكن ما أعرفه شخصياً أن قرار تعيين أبناء الكويتيات في الجيش اتخذه سمو رئيس مجلس الوزراء الحالي عندما كان وزيراً للدفاع، واقتصر على الوظائف الإدارية والمهنية البحتة، فهل الناس هنا حجر شطرنج يحركهم كل وزير على مزاجه ورأيه؟ وهل درس وزير الدفاع تبعات هذا القرار الإنسانية والمعيشية عندما يقطع أرزاق عوائل وأطفال وبشكل مباغت؟ ألم يتدرج السيد الوزير في الجيش الكويتي ويدرك حجم المأساة التي خلفها تسريح المئات من البدون، والتي ما زالت تبعاتها من مصائب وآلام باقية حتى اليوم؟

فعلاً احترنا من سلوكيات حكوماتنا، فمن جهة تبرم الاتفاقيات الأمنية ومؤخراً صادقت على تشكيل قيادات مركزية لجيوش دول مجلس التعاون البرية والبحرية والجوية، فهل عوامل الثقة بين جيوش الخليج تتمثل بالتوجس والشك في رعاياها العسكريين عندنا؟ وهل هذه الممارسات جزء من توحيد الجيش الخليجي الواحد؟ نوّرنا يا معالي وزير الدفاع نوّر الله عليك! وهل حكومات الخليج في واد وشعوب الخليج في واد آخر؟

وشخصياً لا أفهم من هذا العمل الخفي في تسريح البحرينيين والله العالم من سيأتي بعدهم، ودونما إعلان عن أسباب سياسية كانت أم استخباراتية، سوى ربطها بالاتفاقية الأمنية التي ما زالت سرية هي الأخرى، وما تنوي الحكومات فعله بحق شعوبها، وأتمنى ألا يطالب رئيس لجنة الداخلية والدفاع بالمجلس بصرف مكافأة لوزير الدفاع على قرار "تفنيش" الخليجيين مثلما فعل مع القوات الخاصة، وأتمنى ألا ينفي رئيس لجنة حقوق الإنسان وجود مسرّحين من أبناء الخليج دون سبب إذا انتقدتنا دول العالم مثلما فعل مع سجناء الرأي، ولا نقول إلاّ أن الظلم ظلمات يا وزير الدفاع، فقطع الأعناق ولا قطع الأرزاق!