مؤتمر دعم المعارضة السورية بروما: هل يغير ميزان القوى؟
لخص معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري مخاوف المجتمع الدولي في تقديم المزيد من الدعم للمعارضة السورية، في عبارة بليغة: "إنهم ينظرون إلى طول لحية المقاتلين أكثر من نظرهم إلى حجم الدماء التي تسيل من الأطفال".واستنكر الخطيب أن يكون هذا المنظار السوداوي هو المنظار الحاكم للموقف الدولي من مساندة الشعب السوري في مقاومته للنظام القمعي وحقه في الدفاع عن نفسه في وجه آلة العدوان التي تستخدم مختلف الأسلحة الفتاكة في القصف العشوائي للمدنيين؛ مما يمثل جرائم ضد الإنسانية توجب التدخل الأممي تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف الخطيب في المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري، قبيل انطلاق مؤتمر أصدقاء سورية في روما: لقد ملت المعارضة من الإجابة عن 3 مواضيع تتكرر باستمرار: الإرهاب، الأسلحة الكيماوية، الأقليات، ودعا المجتمع الدولي إلى إعادة النظر قائلاً: انظروا إلى قصف النظام المخابز قبل أن تنظروا إلى طول لحية المقاتلين!واعترف بوجود من يحمل أفكاراً متطرفة بين الثوار لكن هؤلاء أقلية لا يعبرون عن الأغلبية السورية المعتدلة، مؤكداً: نحن ننبذ الأفكار المتطرفة ونحن ضد كل فكر تكفيري لكننا لا نستحي أن نقول: إننا مقاتلون مسلمون لكننا من الإسلام الذي يعيش مع الجميع ويطلب الخير للجميع. وإذ عبر وزراء خارجية دول اصدقاء سورية الـ11، الذين اجتمعوا في روما عن إرادتهم الإجماعية بتقديم المزيد من الدعم السياسي والمادي إلى الائتلاف الوطني باعتباره الممثل الوحيد والشرعي للشعب السوري وبتقديم المزيد من الدعم الملموس إلى الداخل السوري، فإنهم طالبوا النظام بالتوقف فوراً عن القصف العشوائي للمدنيين، ملوحين بعقوبات جديدة. وكان لافتاً حصول تغيير جزئي في الموقف الأميركي تجاه دعم المعارضة، إذ أكد وزير الخارجية الأميركي أن بلاده تعتزم للمرة الأولى مضاعفة مساعداتها للمعارضة لأكثر من الضعف بقيمة 60 مليون دولار هي إمدادات غذائية وطبية ستذهب مباشرة إلى المقاتلين الذين يحاربون نظام الأسد، في الوقت الذي لا تزال فيه إدارة أوباما متمسكة بلاءاتها الثلاث: لا للتدخل العسكري الأميركي، لا للحل العسكري، لا للدعم العسكري للمعارضة، إضافة إلى (لا) رابعة لبقاء الرئيس السوري في السلطة! كما تقول رغدا درغام، كما اتخذ الاتحاد الأوروبي قراراً يسمح بتعديل العقوبات على سورية بتصدير عربات مدرعة ومعدات عسكرية غير فتاكة وتقديم مساعدات فنية إلى المعارضة على أن توجه إلى حماية المدنيين.الآن إذا صدق المجتمعون في روما فيما تعهدوا به فإن من شأن هذا الدعم أن يغير ميزان القوى على الأرض، وبخاصة في ضوء التطورات الميدانية الأخيرة في مصلحة المقاتلين الثوار، لقد طالب رئيس أركان الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس، المجتمعين بتوفير دعم عسكري يشمل قذائف مضادة للمدفعية والطائرات، مشيراً إلى أن نظام الأسد يحصل على دعم غير محدود من روسيا وإيران. كما أشار الخطيب في مطالبه لمؤتمر روما إلى أن هناك قراراً بعدم تسليح المعارضة السورية بأسلحة نوعية قائلاً: إذا كنتم تريدون هذا، فأوقفوا إمداد النظام بأسلحة نوعية تأتيه حتى اليوم تحت اسم صفقات قديمة من روسيا، كيف يقبل الضمير الإنساني العالمي استمرار تدفق السلاح إلى النظام الذي يفتك بالمدنيين الآمنين يومياً ويدمر المدن والأحياء السكنية على ساكنيها من النساء والأطفال عبر إطلاق صواريخ سكود وفي الوقت نفسه يمنع المقاتلون المدافعون عنهم من الأسلحة للدفاع عن أنفسهم وحماية المدنيين؟!لقد قال الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي: "ما لم يحسم المجتمع الدولي أمره في التحرك الجاد والسريع فإن الواقع المرير في سورية يزداد سوءاً، وإن التاريخ لن يغفر لنا، كما أننا لن نغفر لأنفسنا تهاوننا في هذا الأمر". إن لطهران مقاتلين على الأرض في سورية بالتعاون مع حزب الله، تحاول عبرهم مساعدة النظام على الصمود والانتصار، لماذا لا يكون للدول العربية مقاتلون من أبنائها يدافعون عن المدنيين الأبرياء؟! لماذا بمقدور إيران وهي دولة واحدة، إرسال 50 ألفاً من أبنائها يقاتلون بجانب النظام الذي يرتكب أبشع الجرائم الإنسانية ضد شعبه، ولا يكون بمقدور 22 دولة عربية إرسال قوة تحمي المدنيين الأبرياء أو حتى تجعل لهم ملاذاً آمناً؟! لماذا يملك رجال الدين الإيرانيين الشجاعة الكافية ليقول أحدهم: سورية هي المحافظة الإيرانية الـ35، وسقوطها سقوط لطهران، بينما لا يمتلك نظراؤهم عندنا مثل هذه الشجاعة؟! إنهم يحاربون في سبيل بقاء هذا النظام عن عقيدة وكقضية حياة أو موت، وجود أو عدم، بينما نحن نستجدي المجتمع الدولي، ونناشد الضمير العالمي، ونتوسل إلى أميركا للتدخل وحماية المدنيين، مع أنه مسؤوليتنا القومية أولاً وأخيراً، وواجبنا الديني المفروض علينا قبل كل شيء!ألا يقول قرآننا الكريم: "وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا". آلاف اللاجئين بنسائهم وأطفالهم يعيشون في الخيام في أسوأ الأوضاع والظروف يستغيثون ويستنجدون بنا، لكن أين الولي وأين النصير؟! ليكن معلوماً للجميع، أن أميركا اليوم في حالة تراجع مستمر، وأن إدارة أوباما لن تتدخل عسكرياً لا بشكل مباشر ولا غير مباشر، بل هي اليوم تمنع حلفاءها من دعم المعارضة بالسلاح النوعي، وتضغط على المعارضة للتفاوض مع النظام! أوباما اليوم في شغل عنا ولسان حاله يقول: ماذا جنينا من تدخلنا في هذه المنطقة الغارقة في أزمات سياسية ومشاكل اقتصادية ونزاعات طائفية ودينية لا تكاد تنتهي غير الاستنزاف لمواردنا والتضحية بأولادنا والكراهية المعمقة لسياساتنا؟!لماذا نتدخل: دعهم يقتلون بعضهم بعضاً؟! أوباما اليوم مشغول بأمرين: ترتيب البيت الداخلي الأميركي، وعقد صفقات مع روسيا وإيران من أجل وجود هادئ يضمن مصالحها في المنطقة. * كاتب قطري