تشكيل لجنة من قبل رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم للتحقيق في ما جاء على لسان الحكم حمد بوجروة حول لجنة أداء الحكام في الاتحاد ورعايتها للرشاوى التي يتم عرضها على بعضهم، لن تكون إلا خطوة أولى في طريق "طمطمة" الموضوع ودفنه بعيداً عن يد المحاسبة الحقيقية التي يجب أن توضع على كل مَن يثبت تورطه في ما أثاره بوجروة، والذي أقل ما يمكن أن يطلق عليه أنه فضيحة "خمسة نجوم".

Ad

وبالتأكيد، فإن ما ذكر هو غيض من فيض إذا ما فُتِحت الملفات بشكل حقيقي، خصوصاً أن الرجل أبدى استعداده للمثول أمام أي لجنة، بل أكد أنه يستطيع توفير 30 حكماً للإدلاء بالأقوال نفسها، لذلك فالمطلوب ليس لجنة "ترزية" تخيط ما يريد الرئيس لحماية رجاله والمحسوبين عليه لتخرج لنا في نهاية الأمر بقرار "حفظ التحقيق لعدم كفاية الأدلة" أو "لانتفاء الجريمة" بل المطلوب أن يحال الملف إلى السلطات الرسمية وأن تُتَّخذ إجراءات جدية كتلك التي تتخذها الاتحادات الرياضية "المحترمة" في الدول "المحترمة" عندما تكتشف أو يعترف أحد ما بمثل هذه القضايا بين أروقتها، فهذه فضيحة "كالتشيو بولي" الشهيرة، التي حدثت في إيطاليا عام 2006، تسببت في هبوط نادي يوفنتوس أحد أكبر وأشهر الأندية الإيطالية إلى دوري الدرجة الثانية لتورطه في التلاعب بنتائج المباريات والتأثير على قرارات التحكيم، كما تم خصم نقاط من عدة أندية أخرى، من بينها ميلان ولاتسيو، وأيضاً حدثت في ايطاليا العام الماضي فضيحة "كالتشيو سكوميسي" بعد اكتشاف عدة حالات للتلاعب بنتائج المباريات عن طريق شركات المراهنات والتي كانت على صلة وثيقة بأندية ولاعبين، ومن ابرز النجوم الذين تورطوا في هذه الفضيحة الإيطالي الدولي كريستيان دوني، وفي كل مرة يكون التحقيق بيد الشرطة والنيابة، والقضاء هو الفيصل.

لا نريد أن ننتظر حتى نصدم بنتائج تحقيق لجنة "من شاهدك يا بوالحصين قال ذنبي" ثم يخرج علينا أحدهم ليقول: ماذا تريدون، فقد تم تشكيل لجنة وهذا ما خرجت به؟ فالمطلوب هو أن يقبل "اتحاد بوخمسة اللي من شفناه وما شافت رياضتنا ولا كرتنا الخير من وراه" أن تُشكَّل لجنة محايدة بإشراف حكومي تحقق في ما قاله بوجروة وما سيقوله غيره، على أن يكون لها الحق في الإحالة إلى القضاء لو اقتضى الأمر، فالموضوع يتعلق برياضتنا وسمعة بلدنا لا بشخص رئيس لجنة الحكام أو من أتى به ويحميه ضد مناوئيه.

وما نطالب به ليس غريباً أو مستهجناً، ولن ننتظر حتى نكون ضحايا "دوري الدمج بولي" أو "اتحاد بوخمسة سكوميسي"؛ فالقضية التي أثيرت ليست الأولى على مستوى العالم ولا هي الأخيرة التي يخرج فيها أحدهم ليفضح "ألاعيب وبلاوي" الاتحادات أو الأندية، لكن الفرق بيننا هنا في الكويت وبين دول العالم المحترم أن الآخرين حريصون على سمعتهم وسمعة رياضتهم ودولهم، أما نحن فما يقال يمر على الجميع مرور الكرام وتكتفي الدولة ومسؤولوها بإجراءات أصحاب الشأن، والذين في أغلب الأحيان يكونون هم المستفيدين أو المذنبين في القضايا المثارة، دون أن تتخذ اجراءات لردعهم أو لمعاقبتهم.

بنلتي

كثيرة هي المباريات التي نشاهد فيها الحكام وهم يخرجون في نهايتها من أرض الملعب تحت حماية قوات الأمن، لكن الحكم حمد بوجروة اختار أن يترك الملعب للمرة الأخيرة بطريقة مختلفة، وبالتأكيد فإن الرجل قد فتح على نفسه أبواب جهنم من "التكتل" وزعيمه، ومن لف لفهم، إلا أنه آثر أن يكون شجاعاً و"يبط الجربة" ويكشف المستور الذي يخشى الكثيرون أن يقتربوا منه.