الأسرة هي الخلية التي يتشكل منها المجتمع، تتجلى أهميتها في قيامها بالدور الأساسي في تربية الأطفال، فإن صلحت صلح أفرادها، وإن فسدت انحرف أفرادها، فمن خلال الأسرة ينشأ الأبناء، ويتشربون القيم الاجتماعية التي تؤهلهم ليكونوا أفراداً صالحين، حيث إن شخصية الطفل تتحدد بما يسمعه ويتعلمه من كلمات، وما يراه ويشاهده من مناظر، فبقدر ما يكون الذي نقدمه للطفل جميلاً ومناسباً تكون النتائج محمودة.

Ad

ومن الآفات التربوية تعليم الآباء لأطفالهم عادة التجسس على الآخرين سواء داخل محيط الأسرة أو خارجها، فيتربى على الكذب والنميمة وتلفيق الأخبار، ونقل أسرار المحيطين به، ويصبح من الصعب تقويمه أو علاجه في ما بعد.

يقول أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر الدكتور أحمد كريمة: هذه العادة منهيّ عنها شرعاً، كما في قول الحق تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ» (الحجرات: 12)، ومن يدفع الأطفال إلى ممارسة التجسس على الآخرين يجرفهم في هذه السن المبكرة إلى عدة محرمات مثل الغيبة والنميمة والكذب، والخطر يكمن في غرس هذه الصفات الذميمة في تلك النفوس الصغيرة البريئة، فتصبح إزالتها بعد ذلك صعبة جداً بل مستحيلة، والمنهج النبوي الشريف في تربية الأطفال يحرص على غرس الصفات الحميدة في نفوس الأطفال حتى يشبوا عليها وقد ألفوها في أقوالهم وأفعالهم.

يتابع كريمة: في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده عن النبي (ص) يقول: «من قال لصبي تعال هاك ثم لم يعطه فقد كذبه»، ومن هنا علينا أن ننظر كيف كان النبي يرشد الآباء إلى التنشئة الصحيحة للصغار وتعويدهم على الصدق والصفات الحسنة.