شيوخ عيونهم زرقاء
تم إطلاق لقب الشيوخ ذوي العيون الزرقاء علي النرويجيين. ولا علاقة لذلك، لا بالمشيخة ولا بالشيوخ عندنا، ولكنها محاولة طريفة لتشبيههم بالعرب منذ أصبح النفط يلعب دوراً أساسياً في الدخل القومي النرويجي، انطلاقاً من أن كلمة "شيخ" عند جمهور الغربيين تعني عرب الخليج عموماً.زيارتي للنرويج كانت للمشاركة في مؤتمر بجامعة أوسلو حول تداعيات وتوقعات ما يسمى "الربيع العربي" والذي سنتحدث عنه لاحقاً. وتعد النرويج اليوم خامس أكبر مصدر للنفط وثالث أكبر مصدر للغاز في العالم، إلا أنها ليست عضواً في "الأوبك"، كما أنها ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، بل إن النرويجيين صوتوا ضد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في استفتاء شعبي مرتين، الأولى كانت عام ١٩٧٢ والأخرى عام ١٩٩٤.
والنرويج تحتل موقع رابع أعلى معدل دخل في العالم، والأهم من ذلك احتلالها المركز الأول على مستوى العالم في معدل التنمية عدة سنوات متتالية. واستناداً إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإن النرويج هي أفضل دول العالم في المعدل التجميعي. وللنرويج تاريخ قاسٍ مع الاحتلال، فقد احتلها جيرانها مئات السنين بدءاً من الدنمارك لقرابة ٤٠٠ سنة، ثم السويد حتى استقلالها عام ١٩٠٥، ثم عادت ألمانيا النازية لتحتلها خمس سنوات إبان الحرب العالمية الثانية.ومما يلفت الانتباه، وربما ما يعنينا هنا في الخليج، هو أنه على الرغم من دخل النفط الهائل هناك، فإن الإدارة السياسية، اتخذت قراراً بتقليص مساهمة النفط في الموازنة العامة، حتى لا تتكرر الأمراض الاقتصادية، وما يتبعها من الأمراض الاجتماعية والسياسية المنتشرة بوضوح في محيطنا الخليجي، بل إنه كان لافتاً أن الجزء الأكبر من دخل النفط تم تخصيصه لتأسيس صندوق سيادي للاستثمار، والتقاعد، وتمت دراسة التجربة الكويتية، حيث لديها أول صندوق سيادي في العالم تأسس منذ فبراير ١٩٥٣.ومحاولة منا للإجابة عن مجموعة تساؤلات في هذا الإطار، فقد بدأنا الإعداد لإجراء دراسة مقارنة بين الكويت والنرويج بالاشتراك مع الصديق د. كيتل سيلفيك أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوسلو، والمهتم أساساً بدراسة الشأن السياسي الكويتي. وللحديث بقية.