ماذا قدمتم للكرامة؟
ما هي "كرامة وطن" التي نبحث عنها؟ وهل نحققها في المسيرات المسائية داخل المناطق السكنية؟ ومن يتزعم حراك "الكرامة"؟ نواب الأغلبية في المجلس المبطل أم الشباب... إلخ؟ هذا جزء من الأسئلة التي أواجهها في المنزل، والعمل، والديوانية وفي حياتي منذ أن أعلنت مقاطعتي للانتخابات السابقة إلى يومنا هذا.لست بصدد الإجابة عن هذه الأسئلة أو إعادة توضيح الأمور، فقد انتهت هذه المرحلة بالنسبة إلي، بل ما سأقوله هو ما اختلج في النفس منذ أيام، منذ أن بدأ الحراك ينحى منحىً آخر وصورة مغايرة لما كان عليه، منذ بدأ نواب أغلبية المجلس المبطل يبسطون أياديهم السوداء على هذا الحراك.
أثق بشباب الحراك ثقة عمياء، لكن ليسحموا لي أن أنبههم بأن سيطرة نواب الفساد والإفساد باتت أكبر من كلمتهم داخل التجمعات السياسية، والشباب غير قادرين أساساً على صد نفوذهم وتجييرهم لنوايا الشباب الطيبة لهم، فهذا نائب يعلن مرّة ترخيص المسيرة باسمه، ومرة يعلن تجمعا آخر ضد تجمع صالح الملا في نفس المكان! وهذا آخر يصل إلى مقدمة أي مسيرة ليأخذ "الميكرفون" ويبدأ ثرثراته... نقاط عديدة واضحة للعيان تؤكد أن الحراك أصبح مجيّراً لنواب الكذب لا للشباب المخلص.وبما أني بت متيقناً من هذا الأمر- عن قناعة شخصية- فالواجب أن أسأل النواب القافزين على حراك الشباب، ماذا قدمتم للكرامة حتى تطالبوا بها؟ وكيف لكم أن تفصلوا بين "كرامة" الإنسان الواحد قبل أن تطالبوا بكرامة وطن كامل؟! من الأجدر والأجدى أن تنصفوا كرامة المواطنين لأنها متى ما تحققت فستتحقق كرامة الأوطان! لا أفهم كيف لنواب قسموا المجتمع إلى أسود السنّة وأذناب إيران بأن يطالبوا بكرامة وطن؟! أو كيف لنواب هددوا بهدم الكنائس وإقرار قوانين الإعدام ومقترح بشرطة للنيابة وعززوا من ثقافة المنع على الكتب والفضائيات التي تخالفهم بأن يطالبوا بكرامة وطن الآن؟! كيف لمن نسي أو تناسى المساجين مثل المرحوم أحمد البغدادي والمفرج عنه أخيراً المغرد ناصر الأنصاري أن يطالب بالكرامة واحترام حرية الرأي؟! كرامة المواطن تأتي باحترام حقوق الإنسان المقرة في المواثيق الدولية لا بالحقوق التي تعجبهم فقط.نواب الكرامة بالنسبة إلي مثل المنادين بالاشتراكية، مبادئ على ورق ودندنة عن الحقوق، ومتى ما استطاعوا لتحقيق هذه الحقوق سبيلا رموها خلف قضبان السجون وداسوا على "الكرامات"، فلا أروع من تصريحات النواب ضد من خرج في مصر على مرسي الأسبوع المنصرم إلا خير مثال بأن ما يطالبون به هنا لمصلحتهم يرفضونه هناك لمصلحتهم أيضاً.أقول للشباب إن الكرامة موجودة في أنفسكم وهو ما لا أشك فيه، تخلصوا من نواب الفساد والإفساد ونظفوا الحراك مادام أن في الوقت متسعاً لهذا، كما أن من هم أحوج منّا إلى الكرامة هم "البدون" يجب ألا يسقطوا من الحراك.عامود:العدد الكبير الذي وجد في محاكمة مسلم البراك بداية الأسبوع الماضي، كان من الأفضل لو يوجد في محاكمة كل من راشد العنزي وعياد الحربي وعبدالحكيم الفضلي ومحمد العجمي "أبو عسم"، فأصحاب المبادئ الحقيقية هم الأحق بالمؤازرة.