دون سابق إنذار بانتهاء مهلة تأجيل الاستجوابات، فاجأ نواب مجلس الأمة الشارع السياسي بتصعيدهم ضد الحكومة، خصوصاً أنهم أعلنوا في السابق أن "هدنة الاستجوابات" مستمرة حتى دور الانعقاد المقبل، غير أنهم اليوم أعلنوا استجوابات متتالية، وبالأمس كانت المطالبات بتعديل حكومي يشمل أكثر من نصف الوزراء، وكل هذا الحراك يأتي قبل شهر تقريباً من إعلان المحكمة الدستورية حكمها في الطعون المقدمة ضد المجلس.
فهل يسعى النواب إلى إسقاط الحكومة؟ أم أنهم يضربون عصفورين بحجر من خلال حلِّ مجلس الأمة؟ أم أن هذا الحراك المفاجئ يأتي لدفع رئيس الوزراء إلى إجراء تعديل وزاري فقط؟قد يكون السيناريو الأول، بإسقاط الحكومة، الهدف الأقرب إلى الواقع بحسب تطورات الأحداث، فالاستجوابات توالت بصورة لم يتوقعها حتى أشد مؤيدي المجلس الحالي، وهي الآلية التي عادة ما يتبعها النواب لإرهاب الحكومة ودفعها إلى الاستقالة، ولكن هل تفعلها الحكومة وتخضع؟ أم أنها تفرض "العين الحمرا" مجدداً كما فعلت في السابق ولكن عبر المواجهة؟أما سيناريو حلّ البرلمان قبل صدور حكم "الدستورية" فهو يحافظ على أمرين، أولهما احتفاظ كل من النواب بلقب "نائب سابق"، والأمر الآخر عودة الانتخابات البرلمانية وفق نظام الصوت الواحد (في حال ألغت "الدستورية" النظر في الطعون لحل المجلس) ما يتيح لهم العودة إلى المجلس، ليقينهم أن أي نظام انتخابي آخر غير "الصوت الواحد" سيجعل العودة شبه مستحيلة.أما التعديل الوزاري، فهناك كثير من الأسئلة تدور حوله؛ فمعظم النواب الذين طالبوا بهذا التوجه لم يطرحوا الحقائب الوزارية التي تتطلب خروج وزرائها، لاسيما أن حديثهم عن تعديلٍ يتجاوز 50 في المئة من الحكومة، وبالتالي فإن هذا التوجه قد يستهدف الدفع بأسماء محسوبة على النواب إلى الحكومة.الحراك النيابي الذي يعيشه المجلس اليوم لا يختلف كثيراً عن الأحداث التي سبقت إبطال مجلس 2012 الأول، والمفارقة أن نواب اليوم حين كانوا خارج قاعة عبدالله السالم كان لهم موقف رافض للاستجوابات، لأنها تؤزم العلاقة مع السلطة التنفيذية على حد تعبيرهم، كما كانوا يعارضون أي مطالبات نيابية حينئذ بإقالة وزير أو تعديل وزاري من باب أن هذه المطالبات تعتبر تدخلاً في عمل السلطة التنفيذية.كذلك، فإن الشواهد السابقة للمجلس المبطل، والتي تتطابق إلى حد كبير مع المجلس الحالي، تعيد إلى الأذهان المرسوم الأميري بتأجيل جلسات مجلس الأمة شهراً وفق المادة 106 من الدستور، خاصة أن هذه المادة فُعّلت للمرة الأولى في مجلس فبراير 2012 المبطل، وقبل صدور حكم "الدستورية"، فهل جاء التصعيد النيابي اليوم وإعلان الاستجوابات استباقاً لأي توجّه لتأجيل الجلسات إلى حين الحكم؟ وبالتالي تسجيل انتصارات انتخابية وإن كانت "إعلامية"؟يقول مراقبون سياسيون: "ما أشبه الليلة بالبارحة، استجوابات وتصعيد نيابي وقوانين شعبوية تكبّد خزينة الدولة أعباء إضافية، وفي المقابل غياب للإصلاحات والمشاريع التنموية"، مضيفين أن العمل النيابي حين ينحرف ليكون عملاً انتخابياً مبكراً فإن النتيجة حتماً تكون تعطُّل الدولة.
آخر الأخبار
تحليل سياسي: التصعيد النيابي المفاجئ... دفع لحل المجلس أم لتعديل وزاري؟
13-05-2013