سرت في عالمنا العربي في عقد الخمسينيات مصطلحات استهوت أبناء الوطن العربي قاطبة، سواء المواطن العادي أو المثقف أو عالي التعليم مع أن تلك المصطلحات لا تمتّ إلى الواقع بصلة، ولكنه هوس وأمانٍ داعبت مخيلة أبناء هذه الأمة.

Ad

من تلك المصطلحات على سبيل المثال لا الحصر، القومية العربية، الوحدة، الحرية، الاشتراكية، الجماهير المناضلة، الخليج الثائر، المحيط الهادر، الرسالة الخالدة مع أنه حتى الآن لا أحد يعرف ما هي تلك الرسالة الخالدة.

هذا وقد استوقفني وأثار اهتمامي ذلك المصطلح الذي يحتوى على مضمون "دول رجعية ودول تقدمية"، فبدأت بالبحث والتنقيب في أوضاعنا العربية، فوجدت تلك الدول التي كان يطلق عليها دول "تقدمية"، وكادت تلامس الثرى، فالتخلف ضارب أطنابه في أرجائها وسيطرة الحاكم وحاشيته وجهازه الأمني والاستخبارات تفرض

وجودها، ثم صراعات دامية بين فئات الشعب وانتشار الفتن، واتسعت الفجوة بين طبقات المجتمع، وغدا المواطن العادي يعاني شح مواد التموين بكل أنواعها.

في مقابل ذلك أرى الدول التي كانت توصف "بالرجعية" وقد حلقت حتى كادت تلامس "الثريا" من حيث التقدم والعمران، وأخذت مكانة دولية مرموقة تؤثر وتتأثر بما يحدث في العالم، وغدا مواطنوها يتمتعون بحظ وافر من الرخاء والرفاهية وحرية التنقل وتحصيل العلم من كل أنحاء الدنيا، وغدت هذه الدول "الرجعية" تستقطب أبناء الأمة العربية للعمل وطلب الرزق والشعور بالأمان والاستقرار بعد أن ضاقت بهم بلادهم "التقدمية"، وعجزت عن توفير ذلك لهم.

كم هو مؤلم ما يحدث الآن في بلادنا العربية من شمالها إلى جنوبها، تونس وليبيا ومصر المحروسة التي تسير في طريق مجهول النهاية، وسورية العزيزة التي غدا شعبها يقاتل بعضه بكل شراسة وعنف وزرع لبذور الكراهية والأحقاد، وها هو العراق يغوص في دماء أبنائه بتفجيرات دموية تحصد أرواح أطفال ونساء، ونتساءل: هل نحن مصابون بهوس تقسيم المقسم؟

ومع عدم إيماننا بنظرية المؤامرة فإن هناك تساؤلاً مشروعاً ترى من قام بتحريك اللوحة الأولى في لعبة الدومينو التي بدأت في تونس منذ أكثر من سنتين ولا تزال مستمرة، هل غدونا دمى في "لعبة الأمم" الثانية بعد أن حققت الأولى أهدافها بتفتيت الاتحاد السوفياتي؟

بعد انحسار تلك المصطلحات الوطنية والقومية طفت على السطح "بشكل مدروس وعلى مراحل "مصطلحات أخطر" مما سبقها وذلك باستخدام الدين وسيلة للتقسيم حتى داخل المجتمع الواحد، وبرزت مفردات مثل: شيعي، سني، تكفيري، رافضي، جهادي، إخواني، صفوي، قبطي... وقائمة لا تنتهي وتحالفات مجهولة الأطراف مختلفة الأهداف.

وفي واقعنا الكويتي فقد عدنا بتلك المصطلحات إلى الجاهلية الأولى مثل: بدو، حضر، شمري، مطيري، عنزي، عازمي... إلى آخر القائمة التي لا تنتهي فهل أصابتنا عدوى هوس تقسيم المقسم؟

وقبل أن نختم هذه الصفحة لا بد من طرح التساؤل المثير، ترى من المستفيد مما يحدث في عالمنا العربي؟

دعاؤنا إلى الله أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

نداء:

نداء إلى الإخوة المرشحين لمجلس الأمة القادم وبشكل خاص لمن يصل إلى نهاية المضمار وينال شرف تمثيل الشعب الكويتي ألا يستخدم شماعة الحكومة لتعليق فشله، فالحكومة تلعب سياسة "باحتراف" وتلعبون "كهواة"، والنتيجة حتى الآن عشرة... صفر لمصلحة الحكومة!

وإن استمر مستوى أدائكم على ما كان عليه في المجالس السابقة فأنا على يقين بأن الحكومة ستحصل على الدوري العادي والممتاز أيضاً... ولا عزاء لكم.