«QNB»: تقليص التخفيف الكمي قد يضر بالنمو العالمي

نشر في 07-07-2013 | 00:01
آخر تحديث 07-07-2013 | 00:01
No Image Caption
أظهرت تحليلات مجموعة QNB أن قيام مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) بتقليص برامج التخفيف الكمي تدريجياً يمكن أن يهدد النمو الاقتصادي العالمي.

ورغم أن الدلائل على حجم مساهمة البرامج في دعم الاقتصاد الأميركي تبدو مختلطة وغير واضحة، فإن إعلان الاحتياطي الفدرالي في 19 يونيو نيته البدء في تقليص برنامج التخفيف الكمي تدريجياً بنهاية العام الجاري أدى إلى ردود فعل سلبية في الأسواق العالمية، حيث ارتفع العائد على السندات الأميركية المستحقة بعد 10 سنوات بمعدل 40 نقطة أساس فور هذا الإعلان.

وفي 26 يونيو، تم تخفيض تقديرات الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة خلال الربع الأول من نمو بنسبة 2.4 في المئة إلى 1.8 في المئة. وتتوقع مجموعة QNB أن تكون معدلات النمو خلال الفترة المتبقية من عام 2013 أقل منذ ذلك بحيث تتراوح بين 1.5 في المئة -1 في المئة. وفي ظل هذه الظروف سيمثل تقليص برنامج التخفيف الكمي مزيداً من الضغط على النمو الاقتصادي بسبب الزيادة في أسعار الفائدة وانخفاض الاستثمارات. كما أن هذا سيؤثر سلباً على توقعات النمو الاقتصادي العالمي نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة على الأصول طويلة الأجل على مستوى العالم خلال الأشهر القليلة المقبلة، في إطار استعداد الأسواق للتعامل مع مرحلة ما بعد برنامج التخفيف الكمي.

لقد بدأ الاحتياطي الفدرالي عمليات شراء الأصول طويلة الأجل عقب الركود الاقتصادي الكبير بعد انهيار بنك ليمان براذرز في سبتمبر 2008. وكان الهدف من هذه السياسات النقدية غير التقليدية هو تخفيض أسعار الفائدة على الأصول طويلة الأجل لتحفيز النمو الاقتصادي. ومؤخراً، قام الاحتياطي الفدرالي بتركيز برنامج التخفيف الكمي من خلال شراء سندات الحكومة الأميركية طويلة الأجل بقيمة 45 مليار دولار شهرياً وشراء أوراق مالية مدعومة بقروض الرهن العقاري بقيمة 40 مليار دولار شهرياً.

تخفيف كمي

وحسب تصريحات الاتحادي الفدرالي، فإن عمليات الشراء هذه ستستمر حتى تتراجع معدلات البطالة إلى ما دون 6.5 في المئة مع استمرار معدلات التضخم عند مستوياتها المستهدفة بأدنى من 2 في المئة. ولذلك كان تلميح الاتحادي الفدرالي بتخفيض عمليات شراء الأوراق المالية طويلة الأجل بشكل تدريجي مفاجئاً على أساس تقديرات الاتحادي الفدرالي نفسه للنمو الاقتصادي الأميركي.

تبدو الدلائل على تأثير برنامج التخفيف الكمي على الاقتصاد الأميركي مختلطة. بلا شك، ساهم البرنامج في تعافي الاقتصاد الأميركي وتخفيض معدلات البطالة من أعلى مستوياتها عند 10 في المئة في أكتوبر 2009، إلا أن البرنامج أدى إلى ارتفاع سريع في أسعار الأسهم والتي يرى كثير من المحللين أن أساسيات الاقتصاد لا تبررها. ويكمن جزء من مشكلة برنامج التخفيف الكمي أنه يعمل على ضخ السيولة دون تمييز في أسواق المال، حيث يعتمد توجيه هذه السيولة، سواء لتمويل المزيد من النشاط الاقتصادي أو لشراء أصول مالية بشكل أساسي على قرارات المؤسسات المالية الوسيطة بما في ذلك البنوك التجارية. وحتى الآن يبدو أن هذه المؤسسات تفضل شراء الأصول المالية (بغض النظر عن أساسيات هذه الأصول) على حساب زيادة الإقراض للقطاع الخاص، وبالتالي سيؤدي تخفيض برنامج التخفيف الكمي إلى تغير حاد في سلوك هذه المؤسسات.

كما يوجد جانب أكثر إثارة للقلق في عملية تقليص التخفيف الكمي، والذي يمكن أن يؤثر سلباً على استمرار النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة. ويتمثل هذا الجانب في أسعار الفائدة المتدنية جداً والتي جاءت نتيجة لبرنامج التخفيف الكمي، حيث ساهمت في تعافي الاقتصاد الأميركي بشكل رئيسي من خلال بناء ثروات نتيجة لزيادة أسعار الأصول (سواء أسعار الأسهم أو العقارات).

ففي حال أدى تقليص برنامج التخفيف الكمي إلى زيادة أسعار الفائدة على السندات طويلة الأجل مثلما حدث خلال الأسابيع القليلة الماضية، فمن الممكن أن ينعكس هذا سلباً على عملية بناء الثروات مما ينتج عنه تراجع ثقة المستهلكين وتراجع التعافي في الاقتصاد الأميركي. وربما يفسر هذا الوضع مسارعة بعض أعضاء مجلس الاحتياطي الفدرالي خلال الأيام القليلة الماضية بالتراجع عن البيان الذي صدر عن المجلس في 19 يونيو، وتأكيد أن علمية تقليص برنامج التخفيف الكمي ستبدأ فقط عندما تكون هناك مؤشرات على مزيد من الزخم في التعافي الاقتصادي.

كما أن تخفيض تقديرات الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة خلال الربع الأول أدى إلى تراجع التوقعات بشأن القوة في تعافي الاقتصاد الأميركي، وبالتالي ساهم في تهدئة مخاوف الأسواق من البدء في تقليص برنامج التخفيف الكمي.

تداعيات سلبية

بالطبع تنتقل تداعيات ما يحدث في الولايات المتحدة بسرعة إلى الاقتصاد العالمي، وبالتالي لم يكن مفاجئاً انتقال الارتفاع في أسعار الفائدة على السندات الأميركية طويلة الأجل إلى بقية أسواق السندات العالمية. ونتيجة لذلك، أدت المخاوف من التداعيات السلبية إلى ارتفاع أسعار الفائدة على النمو الاقتصادي العالمي إلى مزيد من هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة وزيادة سعر صرف الدولار مقابل العملات الأخرى وتراجع أسعار السلع. ولكن الذي أثار الدهشة هو أن تراجع تقديرات النمو في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة في الولايات المتحدة والذي جاء أدنى من التوقعات ساهم في تهدئة الأسواق، نظراً لأن ذلك يعتبر مؤشراً على تأجيل عملية تقليص برنامج التخفيف الكمي. وترى مجموعة QNB أن هذه التطورات يمكن أن تضر بالنمو في الاقتصاد العالمي وتزيد من التذبذب في أسواق المال العالمية.

back to top