تجدد رواية «الثعبان» إحياء تراث أدب الجاسوسية الذي تفتقده المكتبة العربية، بعد رحيل كتاب متميزين في هذا المجال، أبرزهم صالح مرسي صاحب القصة الشهيرة «رأفت الهجان».
تدور أحداث الرواية عام 1990، وبذلك خرج المؤلف من دائرة قصص الجاسوسية في زمن الحروب والتي تبدأ من عام 1952 وتنتهي جميعها بانتصارات أكتوبر 1973.يجسد المؤلف رؤيته الخيالية لطبيعة الصراع بين أجهزة المخابرات في أوقات السلم، وتدور الأحداث في عام 1990 لتؤكد أن تلك الصراعات لن تنتهي، وتكون أكثر شراسة من أوقات الحروب، وترتبط بخطط التنمية والتطوير في شتى المجالات، وليس فقط في النواحي العسكرية المختلفة.«الثعبان» إحدى الروايات التي تدخل حلبة أدب الجاسوسية، وهي محملة بأصداء ومرجعيات تمزج بين خيال الكاتب وما كتبه أدباء ومؤرخون، ودراسة الجوانب النفسية والاجتماعية للشخصيات المتصارعة، واستحضار فضاء متخيل لتحريك الأحداث نحو النهاية الحتمية.كذلك تخرج الرواية من نطاق التجريب والسرد الحداثي وإيقاع الأحداث السريع، وتداخل الأمكنة والأزمنة، معتمدةً السياق الكلاسيكي في رسم الشخصيات وتنامي الحدث، لتتعدد مستويات التلقي وتحظى بنسبة قراءة عالية، لا سيما في غياب هذا اللون الأدبي خلال السنوات الأخيرة.تتنقل الرواية بين أمكنة مختلفة، وتتنامي الأحداث لتصل إلى ذروتها، ولا تتمحور حول شخصية البطل «الفردية»، بل يبرز أبطال آخرون يمسكون بخيوط الصراع ويرسمون للبطل مصائره ودخوله إلى عالم جديد يفصله عن قريته الصغيرة آلاف الأميال، ويحوله من شخص يحركه طموحه العلمي فحسب إلى بطل في فضاء للصراع المخابراتي.مدينة الضبابيرصد المؤلف تفاصيل رحلة «رشيد» إلى مدينة الضباب ووصوله إلى المطار، حيث كانت في انتظاره «ديدي» التي تعمل بإدارة العلاقات العامة في الأكاديمية البريطانية للطاقة، والمسؤولة عن مرافقة كبار الشخصيات والوفود الرسمية، وتتابع أوجه صراع مغاير في زمن السلم بين أجهزة المخابرات المصرية والإسرائيلية، وخروجه من دوائر المجالات العسكرية إلى العلم والفكر والتنمية.ولعل قصة «الهجان» كانت تراود المؤلف أثناء كتابة روايته: «كانت أول مرة يجد فيها رشيد نفسه في مواجهة واحتكاك مباشر مع عالم المخابرات والجاسوسية الذي طالما قرأ عنه العديد من المؤلفات المترجمة ومؤلفات الكاتب صالح مرسي منها رأفت الهجان».وتتضح من الأحداث شخصية «الثعبان»، الاسم الحركي لضابط الموساد حاييم عازر، وبداية الصراع الخفي بين أجهزة المخابرات المصرية والإسرائيلية، وعمليات استقطاب الشخصيات العلمية، وهو صراع لا ينتهي بين ثعالب وأفاعي حتى تقوم الساعة: «قضى توني ليلة سوداء لم يقض مثلها طوال حياته بصفة عامة، وطوال خدمته بالموساد الإسرائيلي بصفة خاصة، فلم يتصور أنه بعد هذه الخبرة والنجاح الذي حققه مع الموساد منذ عام 78 م أن يفشل هذا الفشل الذريع أمام رئاسة الجهاز في تل أبيب».وينتهي الصراع بحصول «رشيد» على جائزة التفوق والامتياز التشجيعية، والتسجيل بلوحة الشرف التاريخية في الأكاديمية، وحصوله على مبلغ عشرة آلاف جنيه إسترليني، وقبل صعوده إلى الطائرة المتجهة إلى القاهرة، ينظر خلفه ويبتسم.
توابل - ثقافات
«الثعبان» ...إحياء تراث أدب الجاسوسية
10-04-2013