{الأمراء اليزيديون}... عسير تاريخ لم يكتب بعد
صدر حديثاً عن دار {طوى} كتاب {الأمراء اليزيديون... عسير تاريخ لم يكتب بعد}، للباحث والكاتب علي عوض آل قطب.
يفيد الكاتب علي عوض آل قطب بأن أمراء آل يزيد شكلوا دوراً محورياً طوال تاريخ عسير الحديث، وثمة أسباب عدة أهلتهم لأن يحوزوا على هذا الدور، يأتي في مقدمها عمقهم التاريخي والقبلي وتجسيدهم الحقيقي للأبعاد الثقافية والاجتماعية لإقليم عسير، إضافة إلى القدرات الشخصية الكبيرة التي تمتع بها عدد من أمرائهم، أمثال الأمير سعيد بن مسلط اليزيدي والأمير علي بن مجثل اليزيدي والأمير عائض بن مرعي اليزيدي، وغيرهم من أمراء آل عائض اليزيديين.يعلن آل قطب في كتابه {الأمراء اليزيديون... عسير تاريخ لم يكتب بعد} أنه لا يرصد كامل الأدوار التاريخية لأمراء آل يزيد، وإنما يحاول رصدها خلال النصف الأول من القرن الثالث عشر الهجري، باعتبار أن منطقة عسير خلال هذه الفترة قد شهدت أحداثاً تاريخية جسيمة، طاولت المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية، لعل أهمها انتهاء الدور التاريخي الأول لأمراء آل يزيد على إثر بلوغ الدعوة الوهابية إلى منطقة عسير، وقيام إمارة آل المتحمي التي اسهمت في مد خارطة الدولة السعودية الأولى إلى مناطق غرب وجنوبي الجزيرة العربية، ثم عودة ذلك الدور التاريخي لأمراء آل يزيد مجدداً بعد سقوط إمارة آل المتحمي. كذلك شهدت هذه الفترة قدوم حملات محمد علي باشا على عسير، التي ناهضت بكل قواها البشرية تلك الحملات. ومن هنا كان من الضروري وضع دراسة تاريخية تتعلق بأمراء آل يزيد في عسير، تبرز دورهم التاريخي قبيل الدعوة الوهابية، إضافة إلى دورهم التاريخي الثاني الذي جاء تأسيساً على الأول، وفي الوقت عينه كنتيجة للتصدع الكبير الذي أصاب الدولة السعودية الأولى وإمارة آل المتحمي التابعة لها. كان الدور الأخير حيوياً ومهماً جداً خلال هذه الفترة على خلفية تأثيره الكبير في الواقع التاريخي بعسير، وبمسار الأحداث فيها. يتلخص ذلك في كثير من المنجزات التاريخية التي حققها حيث تمكن من دحر حملات محمد علي باشا من جهة أولى، ومن جهة ثانية نجاحه في تكوين إمارة سياسية مستقلة عن هيمنة العثمانيين، ومن جهة ثالثة في مد نفوذ تلك الإمارة لتشمل أرجاء عسير، والمخلاف السليماني، وتهامة اليمن.
تتابع تاريخيقسَّم المؤلف الدراسة إلى أربعة فصول، يسبقها تمهيد يحفر في مسمى عسير، ويتتبع تاريخياً نشوءه، ثم انشطاره من الناحية الدلالية بفعل عوامل تاريخية عدة أسهمت في النهاية في إنتاجها على ما هي عليه اليوم. الفصل الأول {آل يزيد النسب والنفوذ} بمثابة المدخل الذي يقارب الكثير من المواضيع الخاصة بآل يزيد، حيث كان أول مباحثه يتعلق بنسب آل يزيد الذي استحال في ضوء المصادر والروايات التاريخية المتضاربة قضية متشكلة من قضايا تاريخ عسير. كذلك يتناول الفصل في مبحثه الثاني مواطن آل يزيد وديارهم مثل: السقا، وريدة، والشعف، والتي كانت متعددة، بل ومتشتتة ومتباعدة إلى حد ما بفعل عوامل تاريخية، جرى عرضها ومقاربتها. أما عن المبحث الثالث فيتناول إمارة آل يزيد الأولى التي سبقت الدعوة الوهابية، وقد جرت تسمية المبحث على هذا النحو بناء على إشارات بعض المصادر، وما أفاد به عدد من النصوص التاريخية التي تم فحصها، والتي كشفت عن وجود تكوين سياسي في عمق إقليم عسير يقوده أمراء آل يزيد.يشكل الفصل الأول، في عموم مباحثه، نقطة ارتكاز مهمة للولوج إلى الفصل الثاني المتعلق بـ}الحركة الوهابية وأمراء آل يزيد}، والذي جرى تقسيمه إلى خمسة مباحث جاء الأول منها متناولاً وصول الدعوة الوهابية وكيفية تسربها إلى عسير، في حين كان المبحث الثاني متعلقاً بتحولات الواقع السياسي في عسير على إثر نجاح حملة ربيع بن زيد الدوسري في هزيمة الأمير محمد بن أحمد اليزيدي، الملقب بـ {مدهمر}، وقتله وتقويض إمارة آل يزيد الأولى، إضافة إلى تأسيس آل المتحمي. وبالتوازي مع تناول هذه الأحداث فقد جرى تخصيص جزء مهم من المبحث يهتم بنقد بعض النصوص الواردة في بعض المصادر، والمتعلقة بالمعلومات المتحدثة عن تلك التحولات، إضافة إلى تحليل بعض الأعمال التي رافقت تلك الحملة العسكرية. أما عن المبحث الثالث فقد كان معنياً بالمنجز التاريخي الذي قدمه أمراء آل المتحمي، لا سيما الأميرين عبد الوهاب بن عامر، وطامي بن شعيب والمتجسد في مد خارطة الدولة السعودية الأولى في غرب الجزيرة العربية وجنوبها من جهة، ومن جهة أخرى في المقاومة الباسلة التي قدمها الأمير طامي ضد قوات محمد علي باشا. وفيما يتعلق بالمبحث الرابع فقد كان معنياً بتحالف أمراء آل يزيد والأمير محمد بن أحمد المتحمي مع الشريف حمود أبو مسمار ضد حملات محمد علي باشا، ولذا فإن المبحث يكتسب أهمية خاصة لاشتغاله برصد بزوغ الدور التاريخي الثاني لأمراء آل يزيد، ومقاربته طبيعة علاقة أولئك الأمراء بالأمير محمد بن أحمد المتحمي، إضافة إلى الأثر الذي تركه نشوء هذا الدور في الواقع التاريخي في عسير. وإذا ما تم الانتقال إلى المبحث الخامس، فقد كان مشتغلاً بسقوط إمارة آل المتحمي من جهة، ومن جهة أخرى بتفرد أمراء آل يزيد في مقاومة الحملات العثمانية عقب ذلك.تأسيس الإمارةيتضمن الفصل الثالث بعنوان {تأسيس إمارة آ يزيد الثانية} في مبحثه الأول دراسة شخصية الأمير سعيد بن مسلط اليزيدي ودورها التاريخي في التأسيس، كذلك يدرس في أربعة مباحث على التوالي كيفية تأسيس تلك الإمارة كنتيجة من نتائج معركة وادي عِتود عام 1823، مروراً بعلاقته بكل من أئمة الدولة السعودية الثانية، وأشراف (أبو عريش)، وانتهاءً بسياسته الداخلية، وتنظيماته الإدارية. وفيما يتعلق بالفصل الرابع والأخير في الدراسة فقد كان مخصصاً بـ}عهد الأمير علي بن مجثل اليزيدي 1827-1834}، وقد جاء مشتملاً على خمسة مباحث أولها يدرس شخصية الأمير علي بن مجثل، في حين يشكل توسع الإمارة اليزيدية في المخلاف السليماني واليمن عنواناً للمبحث الثاني. أما عن المبحثين الثالث والرابع فقد اعتنيا بتعاون الأمير اليزيدي مع القائد العثماني تركجة بلماز وما تمخض عنه من نتائج، مع تناولٍ عام لسياسته الداخلية، وتنظيماته الإدارية، ليختم هذا الفصل بمبحث أخير يتعلق بالحركة العلمية والثقافية في عهد ذلك الأمير.