بدر بورسلي... شاعر غنائي أبدع خلف الكاميرا وأمامها خاض غمار التقديم والإخراج 1/2
الشاعر الغنائي القدير بدر بورسلي أحد أبرز كتّاب الأغنية الكويتية المطورة، نشأ في أحضان أسرة فنية تهوى الشعر فتأثر بها في انطلاقته وتوجهاته، واكتسب ثقافة فنية واسعة ساعدته على تقديم أعمال تتميّز بإبداع وعمق وذوق غنائي، بالإضافة إلى رهافة إحساسه ومهاراته الفائقة في التعامل مع الأدوات التعبيرية. كذلك يعتبر أحد المخرجين المميزين في الكويت ومنطقة الخليج العربي.
لا يقف بدر بورسلي عند حدود تجربة واحدة، بل يرتاد دائماً آفاقاً جديدة. كتب الأغنية الطويلة والقصيرة والعاطفية والوطنية، ووقف أمام الكاميرا كمقدم برامج وخلفها كمخرج، والأهم من ذلك أن أعماله الفنية تنبض بالصدق، باختصار إنه قريب من القلب.
سيرة ذاتية اسمه الكامل بدر ناصر أحمد ناصر بورسلي من مواليد الكويت عام 1943، متزوج وله من الأبناء: ناصر، ثامر، محمد، صالح، سميّه، بثينه.لم يكن في طفولته من التلاميذ البارزين أو المتفوقين بل كان تلميذاً عادياً. درس في المرحلة الابتدائية في مدرسة المرقاب ثم انتقل إلى مدرسة الشامية المتوسطة، وكان من زملائه في تلك المرحلة: يوسف السميط ويوسف المساعيد (الصحافي المعروف في ما بعد)، بعد ذلك درس في الثانوية الصناعية وكان من زملائه: مشاري السنعوسي، مشاري العيسى، ناصر الغانم، أحمد العامر، بدر البشر، بشر البشر، بدر العميم، علي المولى وحسين أصغر. عشق الشعر منذ طفولته، وكانت له محاولات في كتابته وكثيراً ما كان يصغي إلى القصائد بمتعة. في بداياته كانت محاولاته مبعثرة ضعيفة لم يقتنع بها.خلال دراسته في الكلية الصناعية (1960)، كان يكتب الصيحات لكشافة الكلية في رحلاتها إلى مناطق عدة ويركّب الكلمات على ألحان معروفة، ويكتب المونولوجات مع مشاري السنعوسي ويقدمانها في الحفلات التي تقام ضمن أنشطة الكشافة المختلفة، كذلك أسسا فرقة تمثيلية في الكلية الصناعية، وكان بورسلي في تلك الفترة مفتوناً بالشهرة.دفعه هوسه بالشعر إلى أن يقصد الشاعر خالد سعود الزيد الذي كان يسكن في {فريجه} ويطلب منه أن يعلمه الأوزان والتفاعيل، بالفعل علمه ولم يقصر معه، وإليه يعود الفضل في شاعرية بدر بورسلي اليوم.عام 1965 بدأ كتابة الشعر الموزون الجميل وتعمّق في مطالعة سير الشعراء العرب، ولطالما جالس خاله فهد بورسلي، شاعر الكويت الكبير الذي كان يتمتّع بانتشار واسع، يقول بدر بورسلي: {لقد عشت معه في منزل واحد}... تلك المؤثرات وغيرها جعلت قصائده تنبض بالعاطفة والجمال وبحب الكويت.أول قصيدةيقول بورسلي عن أول قصيدة غنائية كتبها: {عام 1965 كلفني الفنان الكبير سعود الراشد، وهو جارنا، بكتابة كلمات أغنية، فكتبت {يا رسول الزين} ولحنها الراشد وغناها}.تلقى بورسلي سبعة دنانير ونصف من الإذاعة أجراً عن هذه الأغنية، ففرح به لأنه لمس أن ما يكتبه يقدّر بثمن، بعد ذلك أنطلق كالصاروخ يكتب قصائد غنائية، ويعود الفضل في ذلك إلى تشجيع الفنان سعود الراشد له. في تلفزيون الكويت بعد أول أغنية له بصوت الفنان الكبير سعود الراشد، تخرج البورسلي في الكلية الصناعية، قسم الخرسانه والفن المعماري، من ثم سافر إلى أميركا عام 1965 لإكمال دراسته، وهناك غير اتجاهه إلى فن الإخراج التلفزيوني، وفي نهاية 1969، عاد إلى وطنه وعمل في تلفزيون الكويت بوظيفة مساعد مخرج (1969).بعد نجاح أغنيته الأولى كتب بورسلي ست أغنيات عاطفية، وعندما عرضها على لجنة جائزة النصوص رفضتها، فصُدم وانزوى لفترة، لكنها كانت بالنسبة إليه فرصة لمراجعة نفسه وحساباته واقتنع بأن ثمة خطأ في أسلوبه، وأن عليه النزول من برجه العاجي، كانت هذه إحدى لحظات الفشل في حياته. وهذه سنّة الحياة، فلو لم يذق الإنسان الفشل لما تعلّم ونجح. انطلاقة قويةحقق اسكتش «البحر» نقطة انطلاق جديدة لبدر بورسلي، إذ لحنه الفنان القدير عبدالرحمن البعيجان وغناه غريد الشاطئ ويحيى أحمد وحورية سامي... ثم استمر بورسلي في العطاء والتعاون مع كبار الملحنين من أمثال: غنام الديكان، عبدالرب أدريس، مرزوق المرزوق، خالد الزايد، راشد الخضر... بعد بدايته كمنفذ، دخل بورسلي الكونترول، للمرة الأولى، مساعداً للمخرج أمين الحاج ماتقي، فانتابه فرح لا يوصف. بعد ذلك أخرج «مجالس العرب» بدل المخرج صباح العدواني الذي كان في إجازة، وكان من البرامج المتميزة، ثم أخرج «ألعاب شعبية» (إشراف الفنان القدير أيوب حسين) الذي يعتبر أحد أنجح البرامج، لأنه يقدم في كل حلقة لعبة شعبية من أيام زمان، فكانت ردة فعل الجمهور أكثر من رائعة ما شجعه كونه مخرجاً جديداً.من أهم البرامج التي أخرجها بدر بورسلي في تلك الفترة أيضاً: {مرايا} الذي أعده محمد الشعلان وقدمته ليلى شقير واستضاف فنانين من أنحاء العالم العربي، وقد سعد بورسلي بالتعرف إليهم لأنه كان في بداياته الفنية. {وراهم وراهم} من تقديم عبدالرحمن النجار، {مجلة التلفزيون} شارك في تقديمه مع المذيعة دولت شوفي وكان يعرض مرة في الأسبوع... فشكلت تلك المرحلة ظهور اسمه كمخرج تلفزيوني بارز.مع أمينة الشراحتعاون الشاعر بدر بورسلي كمخرج مع المذيعة القديرة أمينة الشراح في برنامج {سهرة الخميس} ثم في البرنامج المنوع {الليلة عندنا سمره}، وكوّنا ثنائياً ناجحاً لفترة من الزمن.. كان تلفزيون الكويت في ذلك الوقت أسرة واحدة تعمل وتنتج، وكانت المذيعة أمينة الشراح تبحث على مدى النهار والليل مع بدر بورسلي عن أفضل الأغاني، فتعلّم منها هذا المخرج المبتدئ كيف يحب عمله ويبذل الجهد ويحافظ علي مواعيده، حول تجربته معها يقول: {المذيعة أمينة الشراح... مع احترامي لكل المذيعات وهن بناتنا، ولكن لا توجد واحدة منهن تخلفها أو تشبهها لأنها خلقت نجمة، ووضعت فيها كل صفات القبول التي تخطر على بالك}. بعد ذلك أخرج بورسلي برنامج {شبكة التلفزيون} تقديم عبدالرحمن النجار وسهرات منوعة...تقديم البرامججاء تقديم البرامج في مسيرة الشاعر بدر بورسلي متأخراً، ففي عام 1975 خطرت بباله فكرة تقديم برنامج بالأبيض والأسود، فعرضها على المذيعة أمينة الشراح إلا أنها لم تقتنع بها، عندها قرر المغامرة وقدم البرنامج بنفسه في تجربة هي الأولى له في مجال التقديم، وقد شجعه على ذلك المخرج حافظ عبدالرزاق الذي كان مسؤولاً عن المنوعات في التلفزيون، ثم توقف البرنامج فترة من الزمن وعاد على يد محمد السنعوسي الذي أعجب به بعد تخفيض مدة عرضه من ساعة إلى نصف ساعة، واستمر أربع أو خمس دورات.وطن النهارللشاعر بدر بورسلي أعمال وطنية كثيرة، لكن أغنية {وطن النهار} التي قدمها بعد التحرير مباشرة تلامس مشاعر المواطن الكويتي الذي عانى قساوة الاحتلال لتراب أرضه، وعاش مرحلة النصر والتحرير وعودة الوطن إلى شعبه الوفي الذي كان يتلهف للوصول إلى هذا اليوم التاريخي.يقول الشاعر الغنائي بدر بورسلي عن نجاح هذه الأغنية: {أهل الكويت هم من كتبوا وغنوا ولحنوا {وطن النهار} لذلك نجحت}. يذكر أن اللحن كان جاهزاً ومسجلاً على شريط مخبأ في منزل الملحن سليمان الملا.كذلك غنى له الفنان القدير عبدالكريم عبدالقادر بعد التحرير أغنيات رائعة من بينها: {حبيب الوطن} و{جار النجوم}.