تتركز الاتصالات السياسية، المعلن منها والسري، منذ أيام على محاولة إيجاد تسوية سياسية بين الفرقاء اللبنانيين للتمديد لمجلس النواب، بعدما اصطدمت كل المحاولات الهادفة الى إيجاد قانون جديد للانتخاب بالحائط المسدود نتيجة للتناقض الكبير في وجهات النظر بين المعنيين حيال التفاصيل المتعلقة بالقانون المطلوب.

Ad

وتقاطعت المعلومات المتوافرة لدى «الجريدة»، من مصادر سياسية متعددة، على رسم الصورة الحالية للمواقف من مسألة التمديد لمجلس النواب:

1 - قوى 8 آذار، التي يعكس موقفها رئيس مجلس النواب نبيه بري، تسعى الى التمديد لمجلس النواب سنتين بمعزل عن قانون الانتخاب وكل التفاصيل الأخرى المتعلقة بالمواقع الأمنية والعسكرية والحكومية والرئاسية الأخرى. وتسعى هذه القوى الى الحفاظ على الموقع الشيعي الأول في المؤسسات الدستورية اللبنانية بعيدا عن أي فراغ أو تشكيك في دستوريته في وقت تضع قوى 8 آذار الموقعين الآخرين، السني المتمثل برئاسة الحكومة والماروني المتمثل برئاسة الجمهورية، تحت رحمة قدراتها الدستورية في مجلس النواب، والواقعية من خلال القوة العسكرية لـ»حزب الله» وقدراته على الضغط الميداني.

2 - قوى 14 آذار، التي وإن كانت تقر بحتمية التمديد فهي تسعى الى انتزاع ورقة قانون للانتخاب يلائمها من خصومها السياسيين، في مقابل تمديد محدود لستة أشهر كحد أقصى. وتتطلع قوى 14 آذار الى الانتقال في حال نجاحها في انتزاع قانون للانتخاب مع تمديد محدود لمجلس النواب الى تشكيل حكومة تأخذ في الاعتبار وجهة نظرها من التركيبة والبيان الوزاري بما يسمح لها بالوصول الى موعد الانتخابات بإدارة سياسية تميل لمصلحتها، وهو ما يسمح لها بمقاربة الانتخابات الرئاسية المقبلة من موقع القوة. فانتخابات رئاسية يجريها المجلس المنتخب بعد ستة أشهر (بعد التمديد) في مايو المقبل تسمح لقوى 14 آذار على الأقل باستخدام الفيتو على أي شخصية لا تناسبها، في حين أن لجوء قوى 8 آذار إلى تعطيل الانتخاب ينقل السلطة إلى الحكومة التي تكون موازين القوى فيها لمصلحة قوى 14 آذار.

3 - رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان يرفض أن يتلقف كرة التمديد المفتوح لمجلس النواب. وهو يصر على إجراء الانتخابات قبل انتهاء ولايته الدستورية في ربيع عام 2014. ويرى المراقبون أن رئيس الجمهورية على الرغم من إعلانه في أكثر من مناسبة رفض التمديد لنفسه فهو يحتفظ بهذه الورقة شرط أن تنطلق الدعوة الى مثل هذا التمديد من غير فريقه ومؤيديه، وأن يظهر التمديد له رغبة اجماعية من الفرقاء السياسيين.

وتتهم أوساط قيادية في قوى 8 آذار، لا سيما التيار الوطني الحر الرئيس ميشال سليمان بالعمل على الوصول الى تمديد ولايته من خلال تكتيك يرفض التمديد لمجلس النواب ظاهريا على الرغم من علمه بشبه الاستحالة في إجراء الانتخابات النيابية. ويرى هؤلاء أن التمديد لستة أشهر كحد أقصى وفقاً لما يعلنه رئيس الجمهورية سيوصل البلاد بعد هذه الفترة الى الباب المسدود من جديد، لأن الظروف التي لا تسمح بإجراء الانتخابات اليوم، لا تبدو مرشحة للتبدل في القريب العاجل وفي غضون ستة أشهر، مما سيطرح على النادي السياسي اللبناني من جديد مسألة التمديد لمجلس النواب، مما يفتح باب التمديد لرئيس الجمهورية من ضمن صفقة واحدة.

4 - يتمسك رئيس تكتل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون بإجراء الانتخابات النيابية في أقرب فرصة ممكنة منطلقاً من حساباته الانتخابية التي تعتبر أن إجراء الانتخابات في غضون الأسابيع القليلة المقبلة سيضمن له الاستفادة من الأجواء الشعبية المسيحية للعودة بكتلة نيابية قوية يحافظ فيها على حجمه الحالي بأقل تعديل. وهو ما سيقفل الباب على أي صفقة تمديد شاملة لأكثر من موقع رسمي تبدأ بقائد الجيش العماد جان قهوجي، علما أن للعماد عون مرشحا لقيادة الجيش هو صهره قائد المغاوير العميد شامل روكز، وتنتهي برئيس الجمهورية ميشال سليمان، مما يقفل الطريق التي يرى أنها يمكن أن تكون سالكة أمامه إلى رئاسة الجمهورية في الربيع المقبل في حال إجراء الانتخابات اليوم.

وانطلاقا من هذه الصورة لمواقف الأطراف المعنية بالقرار السياسي في لبنان يرى المراقبون أن رفض التمديد للمجلس النيابي الذي يبدو مطلبا جامعا للفرقاء اللبنانيين علنا، هو في الواقع مخالف تماما لأن تطورات الأيام المقبلة ستثبت ان البحث الناشط اليوم ليس عن سبيل لإجراء الانتخابات وتلافي التمديد، وإنما عن صيغة للتمديد يستفيد منها أكبر عدد ممكن من الجهات السياسية والحزبية صاحبة القرار.