ما قل ودل: المشروع الإسلامي غائب عن فكر الجماعة في الدستور

نشر في 11-08-2013
آخر تحديث 11-08-2013 | 00:01
 المستشار شفيق إمام تناولت في مقال الأحد الماضي، على هذه الصفحة وتحت عنوان  "وطن غائب عن فكر الجماعة في رابعة العدوية" أهم أساسين يقوم عليهما فكر جماعة الإخوان المسلمين في مصر، أولهما: أن الوطن غائب تماماً عن فكر هذه الجماعة، التي لا تعرف انتماءً إلى وطن أو ولاءً له في تحقيق المشروع الإسلامي، والذي يقوم على تحقيقه تنظيم دولي، وأن الجماعة تستخدم الصراع الطبقي بجيش المرتزقة الذي جندته في رابعة العدوية، لإشعال حرب أهلية، تعيد الرئيس والجماعة إلى الحكم.

وقد أثبتت جماعة الإخوان المسلمين، في الفترة التي تولت فيها الحكم أن الوطن ليس وحده الغائب عن فكر الجماعة، بل إن المشروع الإسلامي ذاته غائب عن فكرها.

دستور لحكم استبدادي شمولي

وكان آية ذلك، الدستور الذي وضعوه بأيديهم ليحكموا به البلاد بالآليات التي وردت فيه، ومنها ما يهدد مبدأ الفصل بين السلطات، جوهر النظام الديمقراطي، ومنها ما يهدد استقلال القضاء، والقضاء رمانة الميزان في صون الحقوق وحماية الحريات، لإحكام قبضتهم على كل مفاصل الدولة.

إنها منظومة متكاملة من الآليات لحكم شمولي استبدادي، وهي في الوقت ذاته منظومة تخالف مبادئ الشريعة الإسلامية، في أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية.

وهو ما سندلل عليه من نصوص هذا الدستور في ما يلي:

خلو الدستور من بيت للزكاة

خلا الدستور الذي وضعه الفصيل الإسلامي، في غياب أي توافق شعبي عليه، من مبدأ أساسي يقوم عليه الإسلام، هو تحقيق العدالة الاجتماعية، والذي كان هدفاً من أهداف ثورة 25 يناير، والذي يوفره الإسلام من خلال الزكاة، وهي فريضة على المسلم، بل هي ركن من أركان الإسلام الخمسة.

فلماذا لم ينص الدستور على إنشاء بيت للزكاة؟ وقد نص على عشر هيئات ومؤسسات عامة، وكان من بينها الهيئة العليا لشؤون الأوقاف.

وهو سؤال، لم أجد له إجابة، سوى أن المشروع الإسلامي لم يكن يشغل بال هذا الفصيل الذي وضع الدستور، بل كان كل ما يشغله هو المؤسسات التي تمكنه من مفاصل الدولة، وعلى رأسها المفوضية الوطنية للانتخابات، إلى أن كشف لي اعتصام رابعة العدوية البعد الآخر لإغفال الزكاة في الدستور وهو:

تزاوج المال بالسلطة

ذلك أن اعتصام رابعة العدوية، قد اعتمد في تمويله وفي بقائه ما يزيد على أربعين يوماً حتى الآن، على الجمعيات الخيرية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين منذ نشأة هذه الجماعة، وقد أُنِشئت بعد ثورة 25 يناير أربعة آلاف جمعية خيرية، وهي جميعاً تعتمد على زكاة المال وزكاة الفطر والأضحية التي يؤديها المواطنون وغيرهم إلى هذه الجمعيات لصرفها في مصارفها الشرعية.  

إلا أن جماعة الإخوان في اعتصام رابعة العدوية– كما قلنا في المقال السابق– قد استعانت بهذه الجمعيات، لتمدها بالعجول التي تذبح يومياً على موائد المعتصمين، بل قامت هذه الجمعيات بعمل مشين، وهو جلب أعداد من الأطفال واليتامى الذين ترعاهم، ليعتصموا مع المعتصمين وألبستهم الأكفان وعلقت على صدورهم لافتات تحمل مشروع شهيد، ليكتمل المشهد السياسي للاعتصام، وليصبح هؤلاء الأطفال والنساء دروعاً بشرية للمعتصمين عند فض الاعتصام.

فقد فرض تزاوج المال بالسلطة لدى الجماعة إغفال النص على بيت الزكاة، لتكون الزكاة قطاعاً خاصاً يتحكمون فيه من خلال هذه الجمعيات.

 ذلك أن معنى إيراد النص في الدستور على الزكاة أمران:

الأمر الأول: أن تفقد الجمعيات الخيرية التي أنشأتها الجماعة في طول البلاد وعرضها، المصدر الأساسي من مصادر تمويلها، خاصة إذا نص الدستور على أن تخصم الزكاة التي يؤديها المواطن من الضريبة المستحقة عليه، ولو في حدود معينة.

الأمر الثاني: أن تفقد الجماعة تأثيرها في الطبقات الفقيرة، بما توزعه هذه الجمعيات على الفقراء والمساكين من زكاة المال وزكاة الفطر، ومن الصدقات والأضاحي، التي تستخدمها جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات، والتي استخدمتها في رابعة العدوية.

 وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.

back to top