ما معنى الأمل؟ وما أهميته؟ وأين يوجد؟ وهل يمكن الحياة بدونه؟... كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير تراودني أحياناً وأفكر فيها طويلاً.
بداية، فالحياة من الناحية الطبية لا تتوقف على الأمل، فبدونه لن يتوقف القلب عن الخفقان أو تفشل الرئة في التنفس أو يرفض الدم الوصول إلى المخ لن يحدث هذا، لكن الحياة بإحساساتها ومشاعرها تصبح لا معنى لها ولا قيمة بدون الأمل. ولا يمكن تعريفه أو تحديد مكان وجوده، فهو شعور داخلي قد يكون القلب مصدره أو العقل أو ما وراءهما؛ هو إحساس خفي تتفاعل معه أجهزة الجسم المختلفة فتقوم بوظائفها على أفضل ما يكون، هو شعور يبعث فيك الراحة والأمان والتفاؤل وحب الحياة.في يوم من أيام الشباب الأولى كنت أسير في شارع شبرا- محل إقامتي- في القاهرة وكان الجو ربيعياً بديعاً يبعث في نفسي الراحة والسعادة وأسمع في أذنيّ صوت البحتري مردداً:أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاًمن الحسن حتى كاد أن يتكلمارأيت أمامي طفلة جميلة يقترب عمرها من العشر، صاحبة وجه مشرق باسم وشعر أسود فاحم، عقدته من الخلف "ذيل حصان" وتركت خصلات منه تتطاير على جبينها، وعينين سوداوين واسعتين، وفم صغير اصطفت فيه الأسنان كحبات عقد ماسي، رأيتها تسير في مواجهتي تعرج في مشيتها تسير مع صاحبتها تتبادلان الضحكات والسعادة تعلو وجهيهما؛ تقترب مني وأقترب منها، بدأت ملامحها تتضح أكثر فأكثر، يا الله! ما كل هذا الجمال؟! ما أعظم حسنها! يا لروعة الخالق المبدع! وغضب عقلي وثار قلبي... لمَ؟ لمَ يا رب اختبرتها بهذا المرض "شلل الأطفال"؟تقترب أكثر فأقترب؛ تدنو وأدنو؛ وفجأة توقفت تماماً عن السير وثبتت عينيها على شيء ما بجانبي لم أشعر به من فرط انشغالي بحسنها، ثبتت نظراتها؛ كست وجهها علامات حزن وأسى غريبين؛ وفي لحظة بدا الوجه الجميل مثقلاً بكل مظاهر الحزن، واختفت روعة الجمال تحت ضباب حزن كئيب. استمرت وقفتها ثواني معدودة مرت كسنوات زمن قميء غادر يغتال الفرحة في لحظة؛ عاود وجهها إشراقه من جديد ورجعت تضحك مع رفيقتها وانطلقت في طريقها. نظرت بجانبي فوجدت امرأة جاوزت الأربعين تعرج في مشيتها وجهاز شلل الأطفال مثبت في ساقها؛ إنه الأمل ما يخبو إلا ليشتعل من جديد.***الكثير من العبارات الأدبية والأشعار تتحدث وتدعو إلى الأمل نختار منها:* ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.* لماذا اليأس والشمس لا تغرب وتظلم من ناحية إلا لتشرق وتضيء من أخرى.* ما أجمل أن تبني جسراً من الأمل على نهر من اليأس.* هناك من يتذمر لأن للوردة شوكاً وهناك من يتفاءل بأن فوق الشوك ورداً.ونختم بشعر الشابي:سأعيش رغم الداء والأعداءكالنسر فوق القمة الشماءأرنو إلى الشمس المضيئة هازئاًبالسحب والأمطار والأنواءسأظل أمشي رغم ذلك عازفاًقيثارتي مترنماً بغناءِالنور في قلبي وبين جوانحيفعلامَ أخشى السير في الظلماء
مقالات
الأمل
18-01-2013