اتفق عدد من أساتذة كلية العلوم الاجتماعية على أن هناك خللا في ممارسة الديمقراطية الكويتية، ما أدى إلى الاحتقان السياسي الذي تعيشه البلاد، داعين إلى مناقشة الأزمات والمشكلات التي تمر بها الكويت، والتغيرات التي تنعكس على الواقع والحياة السياسية فيها.
جاء ذلك في الندوة التي نظمها مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت، تحت عنوان "مستقبل الديمقراطية في الكويت: التداعيات السياسية والاجتماعية لما بعد انتخابات 2012"، بمشاركة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د. غانم النجار، واستاذ علم الاجتماع د. محمد الرميحي، واستاذ العلوم السياسية د. شفيق الغبرا، واستاذ علم الاجتماع د. محمد الحداد.حالة احتقانبداية، أكد د. غانم النجار أن "المجتمع يعيش في حالة احتقان، وأشد من هذه الحالة الشعور بالإحباط لما يحدث، رغم أن مشكلتنا بسيطة، فالديمقراطية بطبيعتها مملة وبطيئة، وتشمل مشاركة جميع أطياف المجتمع، وبالتالي فهي ليست ضغطة زر، ولا نستطيع التحكم فيها بالريموت كنترول، ورغم هذا فإن الواقع الذي يفرضه وجود الديمقراطية فإننا مازلنا مصابين بعقدة الريموت كنترول، ونتصور ان المجتمع يجب أن يسير بمثل هذه الطريقة".وأوضح النجار أن "الاحتقان، الذي تتعرض له البلاد، كالفشل الكلوي السياسي، يشترك فيه الجميع، فلا يوجد في السياسة ملائكة، بل هناك أمراض أكثر في العمل السياسي، نجدها في كل مكان في العالم، ويمكن الخروج من الاحتقان الذي نعيشه من خلال التوافق بين المجتمع، وعلينا أن نستذكر في هذا الجانب أن الدستور صدر بالتوافق رغم وجود خلل فيه".وقال إن "ما نعانيه اليوم نتيجة ممارسات ماضية وليس سببا، فمنذ عام 1962 حتى عام 1990 كانت هناك مشكلة في الاسرة الحاكمة مع الدستور، لاسيما انها كانت تعتبره خطأ تاريخيا، لكن يجب أن ينتهي هذا المفهوم، وأن يتم التعامل مع الدستور بأنه وجد ليبقى، وأنه المعادلة السليمة للخروج، دون غض الطرف عن تعديله".ولفت إلى أن "الحكومة هي التي تتحمل الجزء الأكبر من الفشل السياسي الذي نعانيه، لأنها هي التي تدير موارد الدولة 100 في المئة، وبالتالي فإن عليها أن تتحمل مسؤولية إدارة المجتمع".ممارسات مختلفةمن جانبه، شدد د. محمد الرميحي على أن "الديمقراطية عبارة عن قوس قزح، ذات طابع وهوية غير محددة، ولها عدد كبير من الأشكال والممارسات المختلفة، منها البيضاء والرمادية"، مشيرا إلى أن "الديمقراطية الحقيقية هدف أساسي للوصول إلى الحرية والمساواة وقبول التعايش مع الآخرين، وتوزيع الثمار التنموية على الجتمع، وبهذا فهي هدف ضروري ومهم وليست وسيلة فقط".وأشار الرميحي إلى أن هناك "عوارا هيكليا في الديمقراطية الكويتية لعدة أسباب، أهمها إشكالية الدستور وعدم فهمه وعدم الاتفاق على مواده، وعدم وجود الأحزاب، الذي يعتبر أمرا ضروريا جدا، وسن الناخب الكبير، الذي يجب أن يقلل، وأن يصوت الشخص من 18 سنة، حيث إن الشباب واعون بدرجة كافية، إضافة إلى أزمة عدم المساواة لدى المواطنين والتفرقة الطائفية والعنصرية والقبلية الواضحة جدا في المجتمع".وأكد ضرورة أن "نتفق إلى أين نريد أن نذهب، وعلينا أن نفهم أي نوع من المعارضة موجودة اليوم"، مبينا أن "المعارضة اليوم توجد بينها مجموعة من التناقضات، لاسيما في المسائل التي تتعرض للحريات والتعليم، والفشل الأكبر الذي تتعرض له البلاد يكمن بشكل لافت في التعليم، لأننا لم نأخذ هذا الجانب بشكل جاد، رغم أنه القاطرة الحقيقية لتجاوز الكثير من الأمور".أزمة الهويةمن جهته، تحدث د. محمد الحداد عن أهم الأزمات التي تمر بها الكويت، موضحا "اننا نمر حاليا بعدد من الازمات، التي يجب أن تحل، ومنها أزمة الهوية والشرعية وبناء الأمة، والتي تولدت بسبب ضبابية السياسة داخل المجتمع، وعدم وضوح الأهداف والرؤية السياسية والمستقبلية الخاصة بالمجتمع والدولة، حيث نرى الكثير من السلبيات التي نتجت عن هذه الأزمات، وأبرزها تعدد الولاءات القبلية والطائفية، وعدم قبول الرأي الآخر نهائيا".وقال الحداد إن "الكويت لا تمر بمشكلة خاصة بالديمقراطية فقط، بل بدأ الجميع يعرف أننا أصبحنا داخل أزمة اقتصادية واضحة، وأصبح المواطن لا يعرف مصيره الاقتصادي وحياته الاقتصادية، بسبب المشاكل والتداعيات التي سببتها السياسة ووضعها غير الصحي حاليا، إضافة إلى ظهور مشكلات عديدة مرتبطة بظهور مختلف التنظيمات السياسية والحركات المختلفة والتجمعات غير المحدودة التي كان لها دور بارز وواضح في الحراك السياسي والأزمات المرتبطة به باختلاف توجهاتها وأهدافها".وتابع: "من أبرز هذه المشكلات زيادة القبلية والطائفية والولاء غير الوطني، والتصارع مع الغير بصورة غير شرعية"، مؤكدا حاجة المجتمع الماسة لقواعد ثابتة تحدد أولويات السياسة والدولة، وتضع المواطن ضمن إطار واضح وشامل.دور تاريخيبدوره، تساءل استاذ العلوم السياسية د. شفيق الغبرا عن دور الجامعة في الحراك السياسي، خصوصا أن الوطن العربي عامة يمر بمنعطف كبير، "فأين دور الجامعة في حماية الحريات والمفكرين؟"، داعيا جامعة الكويت إلى أن تلعب دورها التاريخي في الحياة السياسية، وحماية استقلاليتها، خصوصا أنها تمثل حلقة الوصل بين السياسي والتاجر والمواطن.وأوضح الغبرا أن هناك العديد من التغيرات التي وقعت لكنها لم تنعكس على الواقع والحياة السياسية في الكويت، رغم وجود خلل هيكلي، وتعاقب 6 حكومات منذ 2006، ما يعني ان هناك مشكلة يجب حلها والتعامل معها.وأضاف أن "الشباب اليوم لديهم مخاوف مستقبلية في ظل عدم وجود مساحات حقيقية لهم في القطاعين الاقتصادي والسياسي، وأصبحوا اليوم المرشحين لملء المكان الفارغ في حال تراجع المعارضة التقليدية".
محليات - أكاديميا
ندوة «دراسات الخليج»: خلل في ممارسة الديمقراطية بالكويت
30-01-2013