شهدت مدينة صيدا ومحيطها خصوصاً في عبرا أمس، لليوم الثاني على التوالي، معارك عنيفة بين الجيش اللبناني وأنصار الشيخ أحمد الأسير، أسفرت عن سيطرة الجيش على المربع الأمني للاسير الذي توارى عن الأنظار.  

Ad

لليوم الثاني على التوالي، واصل الجيش اللبناني أمس هجومه العسكري على منطقة عبرا قرب صيدا جنوب البلاد، ليتمكن بعد ظهر أمس من السيطرة على المربع الأمني التابع لإمام مسجد بلال بن رباح الشيخ أحمد الأسير، الذي تضاربت الأنباء حول مصيره.

وأجمعت كل القوى السياسية الأساسية على دعم الجيش وضرورة تسليم المطلوبين من جماعة الأسير، في وقت اختلفت المواقف بين قوى "14 آذار" التي حملت "حزب الله" مسؤولية ما يحصل، داعية إياه الى الانسحاب فوراً من سورية، ومناشدة الجيش منع كل السلاح غير الشرعي بما فيه سلاح "حزب الله"، وبين قوى "8 آذار" التي اعتبرت انها لطالما حذرت من خطر الأسير السلفي، والمعروف بمواقفه المناهضة لـ"حزب الله" وسلاحه.

حصيلة المعارك

وأسفرت اشتباكات أمس عن مقتل 10 عناصر من الجيش لترتفع حصيلة الضحايا الى 16 شهيداً وعشرات الجرحى بينهم اصابات خطيرة. وذكرت مصادر أمنية وسياسية متابعة أن اتصالات سياسية كثيفة اجريت في الساعات الأخيرة لتوقيف الأسير، وذلك بعد أن أصدر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر بلاغات بحث وتحر في حق الأسير و123 شخصا بينهم شقيقه وفضل شاكر.

وأشارت التقارير الى سقوط حوالي 30 قتيلاً بين المسلحين الموالين للأسير، كما جرى اعتقال نحو 50 مسلحاً تابعاً للأسير استسلم بعضهم.   

الجيش

وأصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش أمس بياناً جاء فيه: "تواصل وحدات الجيش عملياتها العسكرية في مدينة صيدا ومنطقة عبرا للقضاء على المظاهر المسلحة وتوقيف المعتدين على مراكز الجيش وإعادة فرض الأمن والاستقرار، وقد عمد العديد من المسلحين الى القنص على عناصر الجيش باستخدام المراكز الدينية سواتر لهم، بالاضافة الى اتخاذهم المواطنين الابرياء دروعا لهم لتفادي المواجهة المباشرة مع قوى الجيش".

وتابع البيان: "إن قيادة الجيش إذ تؤكد حرصها التام على دور العبادة وحياة المواطنين، تدعو المسلحين الذين قاموا بالاعتداء على مراكز الجيش والمواطنين، وهم معروفون بالنسبة اليها فرداً فرداً، الى القاء السلاح وتسليم أنفسهم فورا الى قوى الجيش حرصا على عدم إراقة المزيد من الدماء، كما تؤكد لجميع اللبنانيين أن الجيش ماض في اجتثاث الفتنة من جذورها، ولن تتوقف عملياته العسكرية حتى اعادة الامن الى المدينة وجوارها بصورة كاملة وانضواء الجميع تحت سقف القانون والنظام".

اجتماع بعبدا

وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان ترأس في القصر الجمهوري في بعبدا أمس اجتماعاً وزارياً أمنياً تم خلاله التأكيد على "وجوب استمرار قوى الجيش، تؤازرها باقي القوى العسكرية والامنية، في تنفيذ اجراءاتها حتى الانتهاء من منع المظاهر المسلحة وإزالة المربع الامني وتوقيف المعتدين والمحرضين على الجيش في صيدا".

ميقاتي

وأصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس مذكرة بإعلان الحداد العام ودعا إلى توقف العمل ساعة اليوم.

مسلحون

وكانت النائبة بهية الحريري قالت أمس إن جميع الأطراف تشارك في معارك صيدا مؤكدة تعرضها لحصار، كما أعلن النائب وليد جنبلاط أمس الأول. وكان جنبلاط قال أمس انه اتصل بالمسؤول الأمني في "حزب الله" وفيق صفا لسحب جميع مسلحي الحزب في محيط عبرا. ونفى رئيس مجلس النواب نبيه بري في اتصال مع زعيم تيار "المستقبل" رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أمس مشاركة عناصر من "حزب الله" و"أمل" في المعارك.

الرافعي

في موازاة ذلك، اعتبر الشيخ سالم الرافعي اثر الاجتماع الذي عقد في مكتبه في طرابلس وضم علماء ومشايخ وفاعليات سنية أمس، ان "مسؤولية ضبط الشارع يجب ان تتحملها الدولة"، مستنكرا "مشاركة عناصر حزبية في قتل النساء والاطفال في صيدا"، متحدثا عن مشاركة عناصر من "حزب الله" وحركة "أمل" في المعارك.   

وقال: "لن نتدخل بعد اليوم لضبط الشارع ولتتحمل الدولة مسؤولية تآمر بعض عناصرها مع حزب الله"، محملا قيادة الجيش "مسؤولية فشل مبادرة هيئة العلماء".

وأضاف: "لم يتجاوبوا مع المبادرة لوقف اطلاق النار لساعة واحدة، مما يؤكد رغبة طرف ثالث في استمرار المعركة. لقد لمسنا قرارا حاسما منهم باقتحام المسجد وارتكاب المجزرة داخله، وهناك عناصر حزبية ترتدي لباسا مدنيا تشارك الجيش في الهجوم على المسجد"، مطالبا رئيس الحكومة والوزراء والنواب بـ"حماية الطائفة السنية المستهدفة".

باريس والرياض

أعربت باريس أمس عن "قلقها الكبير" لأعمال العنف الدامية المستمرة في جنوب لبنان ودانت "الهجمات على قوات الجيش اللبناني". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية فيليب لاليو إن "فرنسا تؤكد دعمها للجهود التي تبذل تحت سلطة الرئيس ميشال سليمان لضمان الامن (...) ووضع حد للاستفزازات من حيثما أتت".

ودعا وزير الثقافة والإعلام السعودي عبدالعزيز خوجة أمس في بيان عقب الجلسة الأسبوعية التي عقدها مجلس الوزراء إلى "وقف الاشتباكات في صيدا في جنوب لبنان والتي راح ضحيتها عدد من جنود الجيش اللبناني، وعدم تصعيد الموقف حفاظاً على أمن واستقرار لبنان".

الأمم المتحدة

بدوره، أكد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي "أهمية الدور الذي تلعبه القوى الأمنية والمسلحة اللبنانية في المحافظة على وحدة لبنان الوطنية وعلى سيادته"، وقال بعد اجتماع مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن: "إنني والسفراء أجمعنا على إدانة التحدي الأخير لسيادة القانون في صيدا، والاعتداءات التي حصلت هناك وفي مناطق أخرى على القوات المسلحة اللبنانية".

وشدد على "دعم رئيس الجمهورية ومؤسسات الدولة والقوى الأمنية خاصةً الجيش في هذه المرحلة الصعبة".