اليهودي الغامض بسلامته
![باسم يوسف](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1491404945710385100/1491404945000/1280x960.jpg)
إن تاريخ الخلافة الإسلامية مليء بالأخطاء والتجاوزات، لأن من قام بها بشر ومن اقترفها بشر، لذلك حين نناقش هذه الأخطاء فنحن نهدف إلى التعلم منها وعدم تكرارها، لكن المتأسلمين لا يريدون ذلك، بل يفضلون أن يكفوا على الخبر ماجور حتى يصدروا لك هذه اليوتوبيا المسماة بالخلافة، أليس هذا هو الكارت الانتخابي الفائز دائماً؟لذلك يجب الاحتفاظ بقدسية زائفة، وغض الطرف عن الأخطاء، لأنهم لن يستطيعوا أن يتاجروا بالدين، ويوعزوا إلى الناس أن حامل كتاب الله المتدين هو الحل، لأن هناك من كانوا أفضل منهم وتسببوا في فتنة وقتل وتقسيم الناس إلى سنة وشيعة.طب نحل الموضوع ده إزاي؟الحل هو إلقاء كل اللوم على اليهودي إياه، هناك دائماً هذا اليهودي الموجود في كل قصص تراثنا المتسبب في كل المصايب، كأنه كتب على أمتنا أن تساق على هوى الآخرين، وكأن أصحاب رسول الله الذين فتحوا مشارق الأرض ومغاربها، لم يتمتعوا بالفطنة والذكاء والدهاء الكافي الذي يحميهم من مؤامرة أي يهودي معدي في السكة، هذا اليهودي مازال موجوداً إلى اليوم، قاعد في أوضة ضلمة، بيخطط عشان يوقعنا في بعض، واحنا طيبين وسذج وعلى نياتنا، هو نفس اليهودي اللي بيتحداك تلم مليون واحد بيصلوا الفجر على صفحتك على فيسبوك، هو اليهودي الذي يتآمر علينا لتقسيم الوطن وإثارة النزاعات والحروب الطائفية واحنا كويسين وطيبين وعدانا العيب، فإلقاء اللوم على هذا اليهودي وتصوير المسلمين ككائنات سلبية يسهل التلاعب بعواطفهم وعقولهم أفضل من الاعتراف بأخطائنا، وأسهل من الاعتراف بأنه ليس بالضرورة أن كل من يتكلم باسم الدين يملك الحق المطلق.أنا لا أنكر وجود أيديولوجيات وأفكار ومخططات تحكم مصالح الدول، لكن إلقاء اللوم دائماً على هذه المخططات كأننا ولا احنا هنا، هو إهانة لنا ولتاريخنا ولعقليات جميع العرب والمسلمين الذين في يوم ما حكموا جزءاً لا بأس به من العالم، لكن مع انحطاط الأمم يركن الناس إلى الاستكانة إلى نظرية المؤامرة ليشعروا بالرضا عن أنفسهم، بل وليس عندهم مانع أن يعيدوا صياغة التاريخ لخدمة هذا الفكر المنهزم. تابع تطور قصة اليهودي في تاريخنا القديم والحديث، فإن لم تجد اليهودي فهناك المخطط الصهيوإنجلوتوراتي (والله العظيم بيقولوا كده)، وأكيد أكيد خصومك السياسيين اللي من جنسيتك ودينك موالسين معاه، ما أحلاها من شماعة ترمي عليها فشلك، الإعلام، المعارضة، جبهة الإنقاذ، الثورة المضادة، الفلول (اللي كانوا معانا إمبارح)، كل هؤلاء صور عصرية لتطور اليهودي السوبر الذي يكيد لديننا وأمتنا.فإذا سألك الناس: "فين يا عم الوعود والأحلام والإنجازات المزعومة، فالحل جاهز والتبرير جاهز"، حسك عينك تقول المشروع الإسلامي فشل (مع ان ماكانش فيه مشروع إسلامي أصلا)، إياك تقول إن تطبيق الشريعة ما ينفعش (مع أنك متضارب ومتخبط في معاني ووسائل تطبيق الشريعة)، فهناك دائماً المسؤول عن فشلك الذي يمكن أن تصدره للناس بدلاً من الاعتراف بالخطأ وكشف وهم يوتوبيا الخلافة التي لم تكن أبداً موجودة، لكنها كانت تجربة إنسانية غير مقدسة تحتمل الصواب والخطأ.اليهودي موجود، "ارمي عليه وريح نفسك".ويقال إن اليهودي ده عضو مؤسس في جبهة الإنقاذ، وهو السبب في كل اللي بيحصل في البلد.منكم لله خربتوا البلد. *ينشر باتفاق خاص مع «الشروق» المصرية