نكبت السلطات اللبنانية الرسمية الرئاسية والحكومية والعسكرية في غضون الأيام القليلة الماضية على دراسة جميع الجوانب المتعلقة بالشكوى اللبنانية الى مجلس الأمن الدولي في شأن الخرق الإسرائيلي للحدود اللبنانية في منطقة اللبونة الأسبوع الماضي.

Ad

وبحسب معلومات مصادر معنية بالملف، فإن المسؤولين اللبنانيين أبدوا حرصا على مبدأ الشكوى منذ اللحظة الأولى للخرق بما من شأنه أن يثبت مرة جديدة تعمد إسرائيل عدم الالتزام بالقرار 1701 من خلال خروقاتها للحدود اللبنانية ليس فقط من خلال الطلعات الجوية، بل من خلال التجاوز البري للخط الأزرق.

لكن المعنيين الدبلوماسيين والعسكريين لم يكتفوا بدراسة جميع الجوانب المتعلقة بوقائع الخرق الإسرائيلي وأهدافه الأمنية والعسكرية، بل استعرضوا كذلك الأهداف الدبلوماسية التي يمكن أن تكون وراء الخرق الإسرائيلي للحدود البرية.

وأبدى مسؤولون لبنانيون رسميون خلال المناقشات والدراسات خشيتهم من فخ إسرائيلي دبلوماسي يمكن أن ينصب للبنان أمام المجتمع الدولي بحيث تتحول إسرائيل من معتدية الى ضحية. وأوضحوا لـــ»الجريدة» أن الجانب اللبناني تحسب لرواية اسرائيلية يمكن ان تتذرع بها تل أبيب أمام المجتمع الدولي لتبرير خرقها للحدود اللبنانية البرية، وهي تقوم على ادعاء رصد الجيش الاسرائيلي لتحركات عسكرية لحزب الله على مقربة من حدودها خلافا للقرار 1701 الذي ينص على ان تكون المناطق الجنوبية خالية من اي وجود عسكري باستثناء الجيش اللبناني الشرعي مدعوما بقوات اليونيفيل المؤقتة.

ويبدو أن الجهات اللبنانية الرسمية تلقت معلومات عن الموقف الإسرائيلي المرتقب تشير الى أن إسرائيل ستبلغ مجلس الأمن الدولي ردا على الشكوى اللبنانية أنها لم تكن المبادرة الى خرق القرار 1701، وأن تحركها داخل الحدود اللبنانية جاء في إطار الدفاع عن النفس ردا على خرق حزب الله والجانب اللبناني للقرار 1701 من خلال السماح لحزب الله بالقيام بعمليات عسكرية قرب الحدود مع إسرائيل من خلال زرع العبوات الناسفة التي انفجرت بالوحدة العسكرية الإسرائيلية. 

وتفسر الجهات اللبنانية الرسمية الصمت الإسرائيلي المطبق على ما رافق العملية العسكرية، ليس فقط بالخسائر البشرية التي منيت بها الوحدة العسكرية المتسللة، ولا بفشل العملية بحد ذاتها، وإنما بعملية دبلوماسية استلحاقية تهدف الى تحويل النكسة العسكرية الى مكسب سياسي ودبلوماسي يتمثل في سعي اسرائيل لكي تثبت أمام مجلس الأمن الدولي أن القوات الدولية لا تقوم بما هو مطلوب منها في منع اي وجود مسلح غير شرعي في منطقة عملياتها، وأن الجيش اللبناني وبالتالي الدولة اللبنانية متواطئان مع حزب الله الذي لايزال يحتفظ بقدرات عسكرية في المنطقة التي يشملها القرار 1701.

وتبدي المراجع اللبنانية الرسمية مخاوفها من أن تكون عملية التسلل الإسرائيلية أبعد من تحرك موضعي محدود في المكان والزمان والأهداف الميدانية، وإنما في إطار تحضير الرأي العام الإسرائيلي والدولي للتعاطف مع عمليات عسكرية إسرائيلية أوسع ضد لبنان في المستقبل القريب بحجة خرق لبنان للقرار 1701 وعجز قوات اليونيفيل عن تنفيذ مضمون القرار لناحية منع حزب الله من القيام بنشاطات عسكرية والاحتفاظ بمعدات حربية في منطقة عمل اليونيفيل، خصوصا في ظل قرار تركيا سحب وحدتها البرية العاملة في جنوب لبنان، وفي ظل المخاوف الأوروبية من ردات فعل حزب الله على الوحدات الأوروبية العاملة في اليونيفيل بعد قرار الاتحاد الأوروبي إدراج الجناح العسكري لحزب الله على القائمة الأوروبية للمنظمات الإرهابية.