تَسبَّب تعليق عابر أدلت به الناطقة باسم الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند يوم الاثنين 7 يناير الماضي، على خلفية أحكام قاسية صدرت بحق المتوِّتَين عياد الحربي وراشد العنزي، في جدل محلي، حول إن كان يحق لأميركا ذلك أم لا. أقول "تعليق عابر" لأنه كان كذلك من حيث الوزن النوعي ومن حيث عدد الكلمات، فالتعليق جاء في اللقاء الصحافي شبه اليومي الذي تعقده الخارجية الأميركية للرد على الأسئلة وتبيان موقف الحكومة الأميركية حيال أحداث العالم.
وقد تناول ذلك اللقاء سورية والأردن وكوريا الشمالية وفلسطين والكويت والبحرين والصين ثم البحرين مرة ثانية وباكستان والهند واليابان (بهذا الترتيب)، ولم يكن نصيب الكويت إلا سؤالاً واحداً، كان الرد فيه دبلوماسياً، حيث امتدحت فيه نولاند التقاليد الكويتية في حرية التعبير والتنظيم والتجمع وناشدت الحكومة الكويتية الحفاظ عليها، خاصة أن تلك المبادئ مذكورة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الكويت، كما نوهت عن موقف أميركا التقليدي ضد حبس الأشخاص لاستخدامهم "تويتر"، كما أكدت أنه تم إبلاغ الحكومة الكويتية بذلك.حاولت فهم سبب ردة الفعل على تصريحٍ عابر في العرف الدبلوماسي وتجاهل ما هو أهم بكثير من ذلك في العلاقة الأميركية- الكويتية، فهناك عبارات وصفحات تَصدر سنوياً في تقارير حكومية أميركية أشد وطأة بكثير مما قيل في تعليق نولاند، بل إن تقرير الاتجار بالبشر السنوي، قد عاقب الكويت وأنزلها إلى الدرجة الثالثة، وهي درجة تتيح للولايات المتحدة اتخاذ إجراءات ضد الدولة المعنية، كتخفيض المعاملة التفضيلية مثلاً. وهناك صفحات لا تقل وضوحاً في تقارير سنوية أخرى كتقرير حقوق الإنسان وتقرير الحريات الدينية في العالم، وهي تقارير منشورة ويتم تداولها في الصحافة الكويتية. الغريب أيضاً أن الوفود الأميركية الرسمية المختلفة التي زارت وتزور البلاد لتفرض شروطاً هي التي تضغط وتتدخل في مجالات الاتجار بالبشر وضبط التمويل وحتى الضغط لإصدار قانون غسل الأموال الصادر في 2002، وغير ذلك بالطبع، لن نتوقع أن يثير رد الفعل على ذلك التعليق فتح نقاش جادّ حول وجود عسكري أميركي منذ التحرير دون أن تنظمه اتفاقية حقيقية بموجب المادة 70 من الدستور، فذلك موضوع مسكوت عنه، وللأسف يتوافق عليه المُعارض والموالي والإسلامي والليبرالي، مع أن قرابة 100 دولة لديها اتفاقية "صوفا" مع الولايات المتحدة إلا الكويت، ذلك ما هو مسكوت عنه، فأيهما أخطر؟ ويبدو أنه صار قدرنا أن يتجادل المتجادلون حول صغائر الأمور، ويتجنبوا كبريات القضايا، والمطلوب منا أن نصدق، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أخر كلام
المسكوت عنه أعظم
16-01-2013