ترى الجهات القيادية المتابعة للتطورات السياسية والأمنية والاقتصادية في لبنان، غداة استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أن الأيام القليلة المقبلة ستكون مخصصة لحركة اتصالات مكثفة، في محاولة للاتفاق بين المعنيين على المسار الذي ستسلكه ملفات الأزمة المتشعبة، لاسيما بالنسبة الى تسمية رئيس جديد للحكومة، ونوعية الحكومة المقبلة، وقانون الانتخابات النيابية، والمواقع القيادية الأمنية والعسكرية والمشاكل الاقتصادية المتراكمة التي تهدد الاستقرار الاجتماعي والبنية الاقتصادية للدولة اللبنانية.

Ad

وفي رأي اصحاب القرار فإن القيادات السياسية اللبنانية الرسمية والحزبية ستكون أمام خيارات محدودة، في ظل غياب رعاية عربية ودولية فاعلة ومؤثرة لأي تسوية إقليمية من شأنها أن تنعكس تنفيسا للاحتقان الداخلي، ما يلقي مسؤولية الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار، من خلال تفكيك الأفخاخ السياسية والأمنية المزروعة في أكثر من منطقة وملف، على عاتق القيادات اللبنانية حصرا.

ويرى المراقبون أن القيادات اللبنانية ستكون أمام خيارين لا ثالث لهما:

1- ترك الأمور تتجه نحو انفجار أمني – اقتصادي مركب نتيجة تفجر الأزمة السياسية، وفي مثل هذا الاحتمال سيضطر الجميع في نهاية المطاف الى التوصل الى تسوية من موقع المنهكين.

2- الولوج بأسرع وقت ممكن في تسوية تستبق الانفجار، فتكون عندئذ كل التنازلات أقل كلفة على المتنازلين من ثمن المواجهة.

أما طبيعة التسوية التي يتحدث عنها المراقبون فهي تتراوح بين:

1- حكومة تكنوقراط واختصاصيين تسمي وزراءها القوى السياسية الأساسية، وتكون مهمتها مواكبة التحضير للانتخابات النيابية المقبلة، ولو تأخرت بضعة أشهر لاعتبارات تقنية.

2- حكومة وفاق وطني سياسية، يكون تشكيلها اعترافا ضمنيا باستحالة حصول الانتخابات النيابية في وقت قريب، وتتولى هي إدارة الأزمة في لبنان على البارد، في انتظار ما ستؤول اليه تطورات الوضع في سورية.

ويرى المراقبون أن البديل عن هذين الاحتمالين سيكون دخول لبنان في حالة من الفراغ والمراوحة، تهدد في أي لحظة بانفجار واسع لا يملك أي فريق لبناني القدرة على التحكم في ضوابطه وحجمه، لاسيما في ظل تداخل الأزمات اللبنانية بالوضع في سورية، وبصراع المحاور الإقليمية والدولية المرتبطة فيه. وتحت سقف هذه المعطيات من الطبيعي أن يسعى كل فريق لبناني الى تحسين شروط التفاوض مع الآخر في المرحلة المقبلة، فرئيس الجمهورية سيعود خلال ساعات من القمة العربية في الدوحة بأجواء عربية تسمح له بتحديد الخيارات التي سيتبعها في التعاطي مع الأزمة، لاسيما لناحية توقيت الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة.

وتتجه قوى 14 آذار الى إعلان موقف موحد يدعو الى اعتماد الآلية الدستورية للتعاطي مع الملف الحكومي وملف الانتخابات النيابية، مع الاعتراف بأن موعد الانتخابات بات يستدعي تأجيلا "تقنيا" بمعزل عن مدة هذا التأجيل.

أما قوى 8 آذار فتبدو غير مستعجلة لتشكيل حكومة جديدة، في ظل الوضع الحكومي الراهن، الذي يسمح لها بالحد من خسائرها السياسية من خلال الاحتفاظ بورقة تصريف الأعمال، على اعتبار ان أي تركيبة حكومية مقبلة لن تعطي حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر الحجم الذي يملكونه حاليا مع حلفائهم في قوى 8 آذار.