الكويت تتبرع بـ 300 مليون دولار لدعم الشعب السوري

نشر في 31-01-2013 | 00:01
آخر تحديث 31-01-2013 | 00:01
الأمير افتتح مؤتمر المانحين بنداء مخلص لمعالجة المأساة الإنسانية للسوريين
مرة جديدة، أكدت الكويت أنها الحاضن الأبرز للهموم العربية، وأن المبادرات الأخوية لقيادتها السياسية تشكل البلسم لجراحات الأشقاء والأصدقاء في أنحاء العالم.

حقيقة تجسدت أمس في المؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية، والذي شكل رسالة تضامن تجاوزت الجانب المالي إلى الالتزام الأخوي والإنساني الذي عبر عنه سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بقوله: «إن المؤتمر رسالة واضحة إلى الشعب السوري مفادها أننا لن ننساكم في محنتكم».

فأمام ممثلي 72 دولة ومنظمة وهيئة دولية، بينهم رئيسا لبنان وتونس وملك الأردن، أعلن الأمير تبرع الكويت بـ300 مليون دولار، لتكرّ «مسبحة» التبرعات العربية والعالمية، متجاوزة التقديرات التي حددتها الأمم المتحدة لإغاثة السوريين حتى يونيو المقبل، والبالغة 1.5 مليار دولار، فضلاً عن المواقف السياسية التي أطلقها سمو الأمير والمتحدثون في المؤتمر، وتضمنت الدعوة إلى مزيد من الجهود لوقف نزيف الدم في سورية، والوصول إلى حل سياسي يجنب البلاد مزيداً من الكارثة.

أعلن سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد تبرع دولة الكويت بمبلغ 300 مليون دولار أميركي لدعم الوضع الانساني للشعب السوري الشقيق.

ووجه سموه في كلمته الافتتاحية للمؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الانساني في سورية امس نداء مخلصا الى أعضاء مجلس الامن بأن يضعوا المعاناة اليومية للشعب السوري الشقيق وآلام لاجئيه ومشرديه نصب أعينهم وفي ضمائرهم حين يناقشون تطورات هذه المأساة الانسانية وان يتركوا أية اعتبارات لاتخاذ قراراتهم جانبا.

وفي ما يلي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، اصحاب المعالي والسعادة، معالي الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون، معالي أمين عام منظمة التعاون الاسلامي، معالي أمين عام جامعة الدول العربية، معالي أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: يسرني بداية ان ارحب بكم في دولة الكويت شاكرا لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون مبادرته بالدعوة لعقد هذا المؤتمر الدولي الهام رفيع المستوى للمانحين لدعم الوضع الانساني في سورية والذي يأتي في إطار الجهود الدولية الحثيثة للمساهمة في التخفيف من المعاناة الانسانية للشعب السوري الشقيق في ظل أزمة مستمرة لأكثر من اثنين وعشرين شهرا مقدرا تلبيتكم الدعوة ومتمنيا لأعمال المؤتمر كل التوفيق والنجاح.

تعقيدات وخطورة

تأتي استضافة بلادي الكويت لهذا الاجتماع الهام بالتعاون والتنسيق مع الامم المتحدة واستجابة لمبادرة مقدرة من معالي الامين العام للامم المتحدة بان كي مون إيمانا منها بضرورة دعم كافة الجهود والمساعي الدولية لمواجهة التحديات والمخاطر التي تهدد الاستقرار العالمي وتزعزع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لكثير من دول العالم.

وإننا إذ نسجل لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة وعلى إثر ازدياد التطورات في سورية خطورة وتعقيدا تعيينه لكل من معالي كوفي عنان الأمين العام السابق ومعالي الأخضر الإبراهيمي كممثلين رفيعين المستوى له ليعملا على الاتصال بكل الاطراف بسورية والدول الإقليمية المؤثرة وهذا التعيين الذي ولأهميته تبنته أيضا جامعة الدول العربية ليصبحا مبعوثين للأمم المتحدة والجامعة العربية وإننا لنأسف في الوقت ذاته شديد الأسف انه ورغم كل ما بذلاه من جهد مخلص وما قدماه من افكار وخطط لو تمت الموافقة عليها لما استمرت معاناة الشعب السوري وآلامه ولهذا الحد المفزع الذي تشهده حاليا.

معاناة مفزعة

كما يعقد مؤتمرنا اليوم والكارثة الإنسانية في سورية تشهد تصعيدا متواصلا فأعداد القتلى تتضاعف والدمار أصبح عنوانا لكافة الأحياء في سورية دون تمييز. إن التقارير المفزعة والأرقام المخيفة والحقائق الموثقة التي تنقلها الوكالات الدولية المتخصصة والتي نتابعها بكل الحسرة والألم تدعونا الى الخوف على مستقبل وأمن سورية ووحدة ترابها وشعبها الشقيق وعلى أمن واستقرار المنطقة.

فلقد أرعبنا التقرير الاخير للمفوضية السامية لحقوق الانسان والذي أكد وقوع أكثر من ستين ألف قتيل من الضحايا والابرياء من رجال ونساء وأطفال وتضاعف عدد المفقودين والمعتقلين والجرحى حيث وصل الى عدة مئات من الالاف اضافة الى اكثر من ستمئة ألف لاجئ في دول الجوار يعانون أوضاعا معيشية مأساوية في ظل ظروف مناخية قاسية.

ولا يفوتني هنا الاشادة بالجهود المبذولة من قبل الدول المضيفة للاجئين وهي المملكة الاردنية الهاشمية والجمهورية اللبنانية والجمهورية التركية وجمهورية العراق لما يقدمونه من خدمات انسانية وإغاثية ضخمة لمجتمع اللاجئين كما نشيد بالجهود الكبيرة التي تبذلها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومكتب تنسيق الشؤون الانسانية والمنظمات والوكالات الدولية الاخرى العاملة في الميدان والتي تأتي في اطار العمل الانساني النبيل لمنظمة الامم المتحدة والوكالات الدولية المتخصصة في هذا المجال غير أن هول الكارثة وعظم المصيبة يتطلب تضافر الجهود بمسعى دولي متكامل والى تنسيق تقديم المساعدات الانسانية لاشقائنا السوريين في الداخل والخارج وتوفير الاحتياجات الاساسية لهم من مأوى ومأكل وملبس.

مواجهة الكارثة

ان ما تضمنه تقرير منظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) الاخير عن وضع القطاع الزراعي في سورية يؤكد حجم تلك الكارثة فقد أكد التقرير بأن دمارا كبيرا قد لحق في البنية التحتية لقطاع الزراعة في سورية وأن اعادة اعماره سيحتاج الى وقت وجهد كبيرين حيث انخفض انتاج سورية من القمح الى ما دون الخمسين في المئة وان المزارعين هناك غير قادرين على جمع ما تبقى من محاصيلهم الزراعية بسبب انعدام الامن ونفاد الوقود مما يضاعف من المأساة الانسانية ويحرم هؤلاء المزارعين من مصدر رزقهم.

ان هذه الحقائق والارقام تضع على عاتقنا مسؤوليات جساما وتدفعنا الى العمل بأقصى طاقة ممكنة لمواجهة تلك الكارثة والاسراع لحقن دماء أشقائنا والحفاظ على ما تبقى من بنية تحتية لبلدهم.

ان تلك الكارثة الانسانية والحقائق المفزعة والواقع الاليم سببه تجاهل النظام لمطالب شعبه العادلة وعدم قبوله بالمبادرات الاقليمية والدولية الساعية الى انهاء هذه الكارثة.

ومما يضاعف من معاناة أبناء الشعب السوري أن افق هذه الازمة لا يلوح به بوادر حل ليضع حدا لنزيف الدم وينهي آلام شعب عانى من التشرد.

توفير الاحتياجات

ان الامم المتحدة ولا سيما مجلس الامن وهو الجهة المناط بها حفظ الامن والسلم في العالم مطالب بعد مضي ما يقارب السنتين على اشتعال الازمة بأن يسارع بتوحيد صفوفه وتجاوز بعض المواقف المحبطة لايجاد حل سريع لهذه المأساة ومن هذا المنبر نوجه نداء مخلصا لاعضاء مجلس الامن بأن يضعوا المعاناة اليومية للشعب السوري الشقيق وآلام لاجئيه ومشرديه نصب أعينهم وفي ضمائرهم حين يناقشون تطورات هذه المأساة الانسانية وان يتركوا أية اعتبارات لاتخاذ قراراتهم جانبا وان التاريخ سيقف حكما على دور مجلس الامن في هذه الماسأة.

فعلاوة على الدور المميز والحيوي الذي تقوم به الأمم المتحدة ووكالاتها وبرامجها وصناديقها المختلفة ومع استمرار النداءات الانسانية العاجلة التي تطلقها الامم المتحدة والمؤسسات الدولية الاخرى لتقديم المساعدات الاغاثية الطارئة للشعب السوري فإنه بات لزاما علينا مضاعفة الجهود لتقديم المزيد ولحشد أكبر قدر من المساعدات الانسانية والموارد المالية لتوفير الاحتياجات المطلوبة وان دعمكم اليوم لهذا المؤتمر واسهاماتكم سيكون بالتأكيد عاملا حاسما في تخفيف معاناة الاشقاء السوريين وتضميد جراحهم.

ان دولة الكويت حكومة وشعبا ومنذ اندلاع الازمة في سورية لم تدخر جهدا واستمرت في تقديم المساعدات الانسانية للشعب السوري الشقيق عبر مؤسساتها الرسمية والشعبية كما انها اتخذت كافة السبل لدعمه في الداخل والخارج ومن خلال الهيئات الكويتية المتخصصة في العمل الاغاثي والطبي حيث وصل اجمالي المساهمات المقدمة ما يناهر الستين مليون دولار أميركي.

300 مليون دولار

وفي ظل الاوضاع المأساوية التي يعاني منها اخوتنا في سورية وايمانا منا بأهمية وضرورة انجاح أعمال هذا التجمع الدولي فانه يسرني أن أعلن عن مساهمة دولة الكويت بمبلغ 300 مليون دولار أميركي لدعم الوضع الانساني للشعب السوري الشقيق آملا من الجميع ايصال رسالة الى هذا الشعب بأن المجتمع الدولي يقف الى جانبه ويشعر بمعاناته ولن يتخلى عنه في محنته.

وفي الختام لا يسعني الا أن أشكر معالي الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ومساعديه على ما قاموا به من جهد لانجاح هذا الاجتماع الهام مبتهلا الى المولى تعالى ان يعجل انهاء تلك الكارثة الانسانية ليعود الأمن والاستقرار الى ربوع سورية الشقيقة وأن يوفقنا في تحقيق مقاصدنا النبيلة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

back to top