قهراً أم اختياراً؟... نجوم التمثيل يهجرون الفن إلى الإعلام
ما الذي يحمّس نجوم التمثيل على تقديم برامج على الفضائيات؟ هل الانفتاح الفضائي الذي بدأ منذ عامين هو السبب أم تعثر الإنتاج الفني نتيجة الأحداث التي تعصف بمصر؟ ما الذي قد يضيفه هؤلاء النجوم إلى تجارب السابقين في هذا المجال؟
أبرز الفنانين الذين يخوضون تجربة التقديم: هاني رمزي في «الليلة مع هاني»، ومحمد هنيدي في «لحظة الشك» في أولى تجاربه في تقديم البرامج، وتستعد كل من مي عز الدين وسمية الخشاب وسما المصري لخوض تجارب مماثلة.يوضح رمزي الذي يقدّم برنامجه بطريقة الـ{ستاند أب كوميدي» أنه تحمّس لتقديم هذا البرنامج بالتحديد بسبب طريقته الكوميدية، فهو يشبه المسرح من ناحية التفاعل المباشر مع الجمهور، مشيراً إلى أن التجربة جديدة بالنسبة إليه، لذا يشعر بالقلق تجاهها رغم اعتياده على الوقوف على خشبة المسرح.
يضيف: «من شأن هذه التجربة أن تزيد من رصيدي عند المشاهدين الذين سيكتشفون ملكات جديدة لدي»، رافضاً مقولة إن عمله في الإعلام سيعطله عن دوره كفنان، لأن مدة البرنامج قصيرة ولن يؤخره تصويره عن أعماله التلفزيونية والسينمائية.أما محمد هنيدي فيؤكد أنه لم يتردد لحظة في قبول العرض نظراً إلى فكرته الجديدة في المنطقة العربية، رغم أنها نسخة من أحد البرامج الأجنبية، وأنه يأمل بأن يحقق النجاح.عن تخوفه من المنافسة في سوق الإعلام الفضائي يشير هنيدي إلى أنه يبذل جهداً، ويثق بأن الله سيوفقه وسيكون مذيعاً ناجحاً، مع حرصه على أسلوبه الخاص في التقديم، لا سيما أن الوقوف أمام الكاميرا ليس بجديد عليه.تبادل أدواريرى حسين الإمام (قدم أكثر من برنامج على قنوات فضائية حكومية وخاصة) أن خوض الممثلين مجال التقديم ليس فكرة حديثة، فقد سبق أن راجت في هوليوود باعتبار أن اسم النجم كفيل بنجاح البرنامج وترويجه. يضيف أن تبادل الأدوار بين الفنان والمذيع طبيعي لأن المهنتين قريبتان بعضهما من البعض، ولهما علاقة بالكاميرا ويقدمان إلى متلقٍّ واحد، موضحاً أن الفنان يملك خبرة التعامل مع الكاميرا والمشاهدين ووجهه مألوف لديهم، ما يسهل التأقلم معه كمقدم برامج، خلافاً لما يحدث مع المذيع الجديد الذي يقدّم أوراق اعتماده للمرة الأولى ويحتاج إلى وقت ليعتاد عليه الجمهور.«أتعجب من أن خريجي كليات الإعلام لا يجدون عملاً لأن مئات من الفنانين احتلوا مكانهم»، يوضح الإعلامي طارق حبيب متحسراً على حال الإعلام العربي عموماً والمصري خصوصاً، ومشيراً إلى أن مهنة الإعلام باتت تجذب المشاهير، سواء فنانين أو رياضيين أو صحافيين، باعتبارها طريقاً سهلاً للثراء، لا سيما لهؤلاء الذين يعتمدون على الإثارة من دون النظر إلى الموضوعية أو الحفاظ على مشاعر المشاهدين وعلى مصلحة الوطن، وهو ما سيجعل الوضع الإعلامي في انحدار وانحطاط. ويطالب حبيب القيمين على القنوات الفضائية بالكف عن الاستعانة بهؤلاء النجوم كمذيعين، والالتفات إلى خريجي كليات الإعلام.حول النجوم الذين تركوا بصمة حقيقية في تقديم البرامج يقول حبيب: «الحفاظ على القمة صعب، فكلما بزغ نجم أحد المشاهير في تقديم البرامج نفاجأ بأنه سرعان ما يأفل ويتحول بقدرة قادر إلى مذيع عادي».تقلص الفنيعزو الخبير الإعلامي الدكتور ياسر عبد العزيز خوض النجوم تجربة تقديم البرامج إلى أنه عقب ثورة 25 يناير اتسعت رقعة الإعلام المصري وازدهرت وتقلصت الأنشطة الفنية وتوقفت تماماً، بسبب دخول أنماط تمويلية جديدة إلى الإعلام لا تبغي الربح بشكل أساسي، بقدر ما تستهدف نقاط تمركز في النظام السياسي الجديد الذي يولد في مصر.يضيف عبد العزيز أنه مع ازدياد القنوات الفضائية ازداد الطلب على المذيعين، خصوصاً الذين يحظون بشهرة ويعرفهم الجمهور، فيما تراجعت الأنشطة الفنية ولم تعد توفر مبالغ اعتاد النجوم عليها وحرمتهم من الظهور وتعزيز شهرتهم فاتجهوا ناحية التقديم.يرى عبد العزيز أن القادمين من عالم الفن يتمتعون بشهرة وقبول، لكنهم لا يدركون أبعاد مهنة الإعلام، ويقدمون البرامج بآراء وتحيزات سياسية واجتماعية وثقافية، اعتقاداً منهم بضرورة نقل هذه الآراء، مؤكداً أنه لا يوجد فنان نجح في مجال الإعلام بشكل مبهر.يتناول عبد العزيز برامج الـ «ستاند أب» كوميدي لافتاً إلى أن ثمة فنانين صنعوا خلطة إعلامية ليستخدموا خبرتهم في العمل المسرحي في التقديم على غرار أحمد آدم وهاني رمزي، لا سيما أن هذه النوعية من البرامج تحتاج إلى الارتجال والتعامل المباشر مع الجمهور، ما جعلهم يحققون نجاحاً يرجع إلى نوعية البرنامج لا الكفاءة الإعلامية.