وصفة للسياسة العامة
عندما يشعر الإنسان بألم في المفاصل يجد نفسه أمام تشخيص المرض بشكل موضعي أولاً، ثم العلاج الاستراتيجي الشامل, وكذلك مؤسسات الدولة عندما تستشعر أجهزة قياس الإنتاجية (إن وجدت) أو تشكو الكفاءات الوظيفية من الإهمال والاستبعاد فإننا بحاجة إلى تحديد موضع الألم والخلل حتى يمكننا وصف العلاج الملائم، وفيما يلي بعض القضايا التي بدأت بالبروز إلى السطح لعلنا نجد لها علاجا ملائما:• القضية الأولى تكمن في الخطة التنفيذية للحكومة، وبعدها كل البعد عن الإنتاجية وعدم ارتباطها بالكفاءات الإدارية، والسبب يكمن في غياب آلية لرصد الكفاءات، بالإضافة إلى غياب التقييم المباشر لمؤسسات الدولة وقدراتها التنفيذية, والحاجة تكمن في وضع آلية للقيام بتجديد الإنتاجية، وفي الوقت ذاته حماية الأجهزة من الفساد.
• القضية الثانية تكمن في غياب تمكين الشباب من مزاولة الأعمال التجارية, فالجهد المبذول في برامج الشباب جيد إعلامياً، ولكن من الناحية الواقعية نجد استمرار العقبات المتعلقة في الحصول على رأس المال، والتسهيلات للعمل التجاري، بالإضافة إلى الحاجة إلى توضيح الفرق بين الهواية والعمل التجاري. فالمطلوب باعتقادي رصد وتقييم أنواع المشاريع الصغيرة ومدى فاعليتنا في تعزيز وضع ريادة الأعمال, وتحديد المعوقات التي تواجه الشباب في العمل التجاري، ومن ثم وضع الحلول المناسبة. حتى الآن، وحسب الدراسات، ما زالت صعوبة الحصول على رأس المال لتمويل المشاريع العقبة الأولى، تتبعها صعوبة إيجاد قنوات لتسويق المنتجات وتوصيلها إلى الأسواق المحلية والإقليمية، أضف إليها غياب الحوافز التي تخرج الشاب من قمقم العمل الحكومي لينطلق في عالم التجارة والاقتصاد.• القضية الثالثة وهي قدرة الجهاز الحكومي على الموازنة والتنسيق بين "الأفكار" المطروحة و"الارتداد البرلماني" والشعبي لها, فمن الملاحظ أن الأفكار المطروحة تأتي عبر تصريح، ويقابلها رد فعل كتّاب المقالات، والذي يتبعه تصريح برلماني هش، ومنها قانون الإعلام وربط الخدمات بالرسوم، وأخيراً التجنيد الإجباري وإشراك الشباب في مسؤولية حماية الوطن.• القضية الرابعة غياب الكويت عن خارطة الإنتاجية والاختراعات العلمية التقنية التي يشهدها العالم، ووقوفنا مكتوفي الأيدي أمام هروب الكفاءات التقنية (الآسيوية) إلى دول مجاورة، واكتفاؤنا بالعمالة الهامشية التي لا تغني ولا تسمن من جوع، والمطلوب استراتيجية للتغيير النوعي للعمالة واستعادة العقول المهاجرة.• وأخيراً وليس آخراً أخي القارئ تحياتي أنقلها لكم مباشرة من الحرم الجامعي بمدينة هارفارد، من بؤرة العلم والمعرفة والجرعات الثقافية المركزة... والمشهد أمامي الآن وقوف طلاب مدينة بوسطن من جميع الجنسيات للتضامن مع المدينة بعد الحادث المؤسف وحماية الفكر الطلابي من الوقوع في شباك أعمال العنف والتطرف. وللحديث بقية.