عند متابعة تصريحات المعارضة الحالية ومقارنتها بفترة عمل المجلس المبطل فستجدها مليئة بالتناقض، فحينها كان الشيخ جابر المبارك رجلاً إصلاحياً وصاحب قرار يستحق الحماية، لكن اليوم الحال تغيرت فصار صديق الأمس عدو اليوم، بعد أن عدل عن رأيه بدعم الأصوات الأربعة على زعم النائب السابق مسلم البراك بأنه صرح بأنه ضد مرسوم الصوت الواحد قبل إقراره ولديه الشهود على ذلك.

Ad

إن صدقت الرواية فالأمر ليس بالمعيب، ولا يعدو أن يكون وجهة نظر واجتهاد شخصي وافق ما كان عليه الوضع آنداك، لكن بعد أن صدر المرسوم فليس أمام رئيس الوزراء سواء كان الشيخ جابر المبارك أو غيره إلا أن يمتثل له وفقاً للمادة ٥٥ "يتولى الأمير سلطاته بواسطة وزرائه"؛ لذا التقول بأنه غيّر رأيه لا يتناسب وحقيقة العمل المنوط به كما نص عليه الدستور.

النقطة الأخرى المهمة المرتبطة بتفسير تلك المادة تكمن بأن عمل رئيس مجلس الوزراء ليس مرتبطاً بقناعته إن تعارضت مع مراسيم القوانين التي يصدق عليها سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، لذا عليه تطبيق القانون حتى لو جاء على خلاف رغبته الشخصية، وهذا أصل تكليفي على رئيس مجلس الوزراء والوزراء تنفيذه، والعمل به وفقاً لنص المادة.

قلناها في أكثر من مقال ونعيدها بأنه ليس هناك مخرج من الأزمة دون الاستماع إلى لغة المنطق؛ بالجلوس إلى طاولة النقاش، والابتعاد عن لغة التشكيك في ولاء الكويتيين والخطابات غير المسؤولة، والبدء بالعمل على توحيد الرؤى باحترام القانون والمحافظة على هيبة الدولة، وانتظار حكم المحكمة الدستورية، وفي نفس المسار على المجلس الحالي تقييم الوضع بتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة من خلال تبني قانون ينظم العمل الانتخابي، ويعالج القصور والسلبيات، ويهدف إلى تحقيق أقصى درجات العدالة للناخبين قبل المرشحين.

كما توقعت سابقاً من عدم الركون إلى وعود هدنة تفسح المجال للحكومة بالعمل لمدة ستة أشهر على الأقل ثم البدء بالمحاسبة هو أمر لا يتماشى وعمل المجلس، فليس هناك لائحة تلزم النائب بالتريث أو التدرج متى ما رأى قصوراً في عمل الوزير المعني، وكلنا نتذكر استجواب وزير الداخلية الأسرع في الحياة البرلمانية والذي قدم مع بداية الفصل التشريعي الثالث عشر بتاريخ ٨-٦-٢٠٠٩ ومن هنا يتضح أن موضوع تقديم الاستجواب ليس مرتبطاً بتاريخ محدد متى ما رأى المستجوب قصوراً أو تجاوزاً على القانون من قبل الوزير.

تصريح وزير الخارجية السابق الشيخ الدكتور محمد الصباح حول من تجب محاورتهم هم الشباب، هو عين العقل، لكن في ظل الأوضاع الحالية وعدم وجود قيادة مزكاة تحتضن الجموع الشبابية، وحتى ذلك الحين سيظل من الصعب إجراء حوار هادف يرتقي إلى ما ذهب إليه الشيخ محمد!

ودمتم سالمين.