الصراع المشروع!

نشر في 01-03-2013
آخر تحديث 01-03-2013 | 00:01
 مجدي الطيب بين مهرجاني «دبي» الذي يُقام في دولة الإمارات العربية المتحدة و»أبو ظبي» الذي تنظمه الدولة نفسها، صراع خفي ولكنه مشروع، ومنافسة شرسة ولكنها لا تتجاوز حدود اللياقة والأخلاق؛ حيث يكثف كل مهرجان جهوده لتعزيز موقعه بين المهرجانات السينمائية العالمية، بعد أن تجاوز مرحلة المنافسة مع المهرجانات الإقليمية، ويسعى جاهداً إلى استقطاب نجوم العالم ليس في التمثيل فحسب وإنما في العناصر الفنية كلها.

بالطبع يومئ البعض، من حين إلى  آخر، بأن مثل هذه النوعية من المهرجانات، التي تحظى بدعم «الدول الغنية» ورعايتها تخترق الصفوف بالدعم المالي «السخي»، والموازنة «المفتوحة» التي يتم رصدها لكل دورة، لكنها مزاعم وأباطيل تندرج تحت وصف «الوشايات المغرضة»، الأمر الذي يستوجب على أصحابها الكف عن تبنيها وترديدها، والنظر إلى الجهد الكبير والتفاني الملحوظ اللذين يُبذلان في «دبي» و»أبو ظبي» مُقارنة بمهرجانات أخرى في المنطقة تنتهز إداراتها فرصة وجود أي دعم من رجال الأعمال لتستولى عليه وتبدده في مظاهر «فارغة» وإهدار صارخ، وقد تتمادى أكثر فتحول جزءاً منه إلى رصيدها المصرفي!

يغط بعض المهرجانات السينمائية العربية في سبات عظيم لا يستيقظ منه سوى في الأشهر الثلاثة الأخيرة، قبل انطلاق الدورة الجديدة، وغالباً ما تصاب المهرجانات بحيرة لأن موعد الدورة المقبلة ما زال مجهولاً أو تضطر إلى تغيير اللائحة لاستيعاب طارئ أو إدخال تظاهرة لم تكن في الحسبان، بينما تبدو الحال مختلفة تماماً في «دبي»، الذي انطلق للمرة الأولى العام 2004، و»أبو ظبي»؛ بدليل إعلان إدارة «مهرجان دبي السينمائي الدولي» أن النسخة العاشرة للمهرجان ستنعقد في الفترة من 6 إلى 14 ديسمبر المقبل، وأن التحضيرات بدأت فعلياً في أعقاب الانتهاء من الدورة التاسعة، التي شهدت نجاحاً كبيراً تمثل في زيادة الحضور الجماهيري بنسبة 35%، وعرض ما يقرب من 158 فيلماً في حضور ما يزيد على 52 ألف مشاهد، وقدمت إدارة «دبي السينمائي» ما يُشبه «كشف الحساب»، الذي يرصد ما جرى في الدورة التاسعة، التي انعقدت من 9 إلى 16 ديسمبر من العام 2012، وهو ما يعني أن النية متوافرة لتدارك الأخطاء وتجنب أي إخفاق واستثمار الإيجابيات وتطوير نقاط النجاح، وعلى رأسها استضافة أكثر من 1700 من خبراء صناعة السينما، وأكثر من 1300 من مندوبي وسائل الإعلام العربية والعالمية يمثلون 90 دولة، والأهم، حسبما قال عبد الحميد جمعة رئيس المهرجان، إن الدورة التاسعة «حققت تنوّعاً على صعيد المشهد السينمائي والمواهب الفنية، فضلاً عن تحقيق الهدف الأسمى، وهو الترويج لصناعة السينما العربية محلياً وعالمياً، وتشجيع المواهب المحلية على الخروج بأعمال تضمن لهم مستقبلاً سينمائياً مبهراً».

بالمثابرة نفسها، والرغبة في تأكيد النجاح الذي تحقق في الدورات الأخيرة، بدأت التحضيرات لإقامة مهرجان «أبو ظبي» السينمائي، في أعقاب اختيار الفترة ما بين 24 أكتوبر و2 نوفمبر المقبل لانطلاق النسخة السابعة للمهرجان، الذي أصبح واحداً من أبرز الفعاليات الثقافية، وليس السينمائية فحسب، في المنطقة العربية، وساهم بشكل ملحوظ في تعزيز موقع «أبو ظبي» الإبداعي، وهو ما دفع علي الجابري مدير المهرجان للقول إن المهرجان «يفتتح موسم المهرجانات السينمائية في المنطقة، ما يمنحه موقعاً متميزاً بينها»، وأضاف: «افتتحنا دورة العام الماضي بفيلم من إنتاج سعودي، وسنتابع هذا العام تركيزنا على صنّاع الأفلام العرب، وتعزيز موقع أبوظبي والمهرجان ليكونا قلب صناعة الأفلام في المنطقة».

هكذا يفكر القيَمون على مهرجاني «دبي» و»أبو ظبي»، اللذين تجاوزا أزمة اختيار شخصيات أجنبية لإدارتهما، وبرهن أصحاب القامات السينمائية الوطنية، أمثال: عبد الحميد جمعة ومسعود أمر الله علي في «دبي» وعلي الجابري في «أبو ظبي»، على أهليتهم الكاملة للقيام بالمهمة على أكمل وجه، واجتهدوا، بمعاونة فريق عمل على درجة رفيعة من الكفاءة والاقتدار، في البحث عن أحدث النتاجات السينمائية العربية والعالمية، واعتمدوا التخطيط سلاحاً وسياسة، مقارنة بأولئك الذين امتشقوا سلاح «الفهلوة» وتشبثوا بسياسة «العشوائية»، وصار جل همهم الحفاظ على مواقعهم حتى تيبست مفاصلهم، و»شاخوا في مقاعدهم»، حسب القول الشهير لكاتبنا الكبير محمد حسنين هيكل!

back to top