في غياب تدفقات رأسمالية جديدة إلى الاقتصاد المصري، وهبوط الاحتياطي الأجنبي بالبنك المركزي إلى مستوى حرج، وبعد أشهر من التأجيل خرجت الحكومة المصرية بخطة جديدة لوقف التراجع في احتياطيات النقد الأجنبي ومعالجة عجز الميزانية.

Ad

ويبدو أن الحكومة تدرك أن أموالها أوشكت على النفاد بالفعل، وأن عليها أن تلجأ إلى صندوق النقد الدولي أو صديق في منطقة الخليج. وليس لها هناك إلا قطر في الوقت الراهن.

وقد يفتح اتفاق صندوق النقد الباب أمام مساعدات تصل قيمتها إلى 12 مليار دولار من ممولين آخرين مترددين من بينهم البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول الخليج العربية.

وهناك دولة خليجية واحدة قد تكون مستعدة لتقديم المساعدة بدون اتفاق صندوق النقد وهي قطر التي قدمت بالفعل خمسة مليارات دولار في صورة منح وودائع في البنك المركزي المصري. لكن قليلين هم أولئك الذي يعتقدون أن قطر وحدها تستطيع وقف التراجع.

وقال أنتوني سكينر من شركة مابلكروفت لدراسات المخاطر السياسية والاستشارات: «قد تقدم قطر المساعدة لكن حتى في هذه الحالة لا بد أن يكون المبلغ كبيرا للغاية، مساعدات قطر السابقة لم تمنع العملة من التراجع فاحتياطيات العملة الأجنبية منخفضة».

توافق سياسي

ويعتقد اقتصاديون أن مصر تحتاج إلى توافق سياسي على الإصلاحات اللازمة لاستقرار الوضع المالي، غير أن هذا الأمل لم يعد قائما فيما يبدو، إذ إن الإسلاميين يتصارعون مع معارضة ليبرالية ويسارية بشأن هوية مصر المستقبلية بعد ثورة عام 2011.

وتراجعت احتياطيات النقد الأجنبي التي كانت 36 مليار دولار في الأيام الأخيرة لحكم مبارك إلى 13.6 مليار دولار في يناير الماضي, وهذا أقل من المبلغ اللازم لتغطية واردات ثلاثة أشهر.

وبالرغم من أن البنك المركزي يطرح حاليا 120 مليون دولار فقط أسبوعيا أو نحو ذلك فإن تراجع الجنيه الذي يصاحب العطاءات يرفع فاتورة الدعم الحكومي.

وتعتقد الأسواق أن الجنيه قد يتراجع أكثر من ذلك. وتشير العقود الآجلة إلى أنه سيتراجع إلى 7.95 جنيهات للدولار على الأقل بعد عام من الآن، أي بنسبة 18 في المئة عن السعر الحالي.

وفيما عدا الأولويات المتمثلة في الغذاء والطاقة، تجد الشركات والأفراد صعوبة في الحصول على الدولار مما يدفعها للاتجاه إلى السوق السوداء حيث بلغ سعر الدولار 7.256 حنيهات وهو أعلى بكثير من السعر الرسمي 6.7375 جنيهات.

أعباء الميزانية

ويزيد تراجع الجنيه من أعباء الميزانية. ووفقا لخطة الحكومة سيبلغ العجز 10.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الحالية بافتراض أن حكومة مرسي بصدد بدء الإصلاحات. وإذا لم تنفذ الحكومة تلك الخطوات، سيرتفع العجز إلى12.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وفقا للخطة.

وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط امس الأول أن عجز الميزانية بلغ 119.8 مليار جنيه (17.8 مليار دولار) أي ما يعادل 6.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الأشهر السبعة من يوليو إلى نهاية يناير. وبالمقارنة فقد بلغ العجز في الفترة ذاتها قبل عام 88.2 مليار جنيه.

ومن جانبه، قال مجلس الوزراء المصري إنه وافق على مشروع قانون لإصدار السندات الإسلامية أو الصكوك لأول مرة، وإنه سيحيل المشروع إلى مجلس الشورى تمهيدا لإقراره.

وتعمل الحكومة على إصدار الصكوك من أجل جذب رؤوس أموال للمساعدة في سد عجز الموازنة. وقال أنتوني سكينر: «من الصعب أن نتصور كيف تستطيع مصر تحمل برنامج إصلاح متناغم يتسق مع اتفاق صندوق النقد لترتيب الوضع الاقتصادي، واقعيا لا أتصور كيف يمكن تحقيق ذلك نظرا للوضع المالي الحالي والمتغيرات السياسية السلبية».

(رويترز)