يقدم خالد تركيتي في معرضه الفردي أعمالاً جديدة ذات مواد مختلفة، وأفلاماً تبحث في مدى صحة مصطلح أو مفهوم {حرية} وعلاقته بالهوية والفردية والجماعية في حياتنا اليومية.

Ad

يشتهر تكريتي بأعماله الفنية الضخمة التي تستكشف وتدور سيكولوجيا مواضيعها حول الأنثى، واللافت أن في كل معرض من معارضه يحاول أن يقدم جديداً ومختلفاً عن المعرض السابق. في {صمت}، ابتعد عمَّا ألفناه في أعماله السابقة من ألوان قوية وزاهية، ليستبدله بمزيج من لوني البني والرمادي وبخلفيات داكنة تجعل مجموعة أعماله أكثر بروزاً، فيما يحاول المشاهد فرض انطباعاته على عالم الشخصيات الصامتة. وسيمثل معرضه «حرية مطلقة» في غاليري «أيام» في لندن تحولاً نحو موضوع أحادي اللون، يتميَّز بنمط تصويري وحميمي إلى حد بعيد. مستخدماً ومتلفاً مجموعة من الصور التي وجدها، وصوراً فوتوغرافية خاصة به وأخرى التقطها حديثاً في مترو باريس، يرسم الفنان الحنين بأسلوب غرافيكي، يذكرنا بصور المجلات القديمة.

لوحات تكريتي القماشية المنفذة بواسطة الفن التلصيقي قد تم تصويرها والتلاعب بها، وأعيدت طباعتها، ومن ثم صياغتها بدقة من خلال عملية من الرسم، والقص والتلوين. يؤدي هذا المنهج دور يوميات بصرية ووسيلة لتسجيل الذكريات ورسم خارطة بيانية للزمن.

المكونات الحساسة والهشة التي تشكل المعرض تعد في ذات الوقت صوراً شديدة الخصوصية وانعكاسات لعوبة للقضايا الاجتماعية الحالية والحياة اليومية. عمل {فوضى} مثلاً، يقدم نقداً عبثياً للطبيعة الفوضوية وانعدام اليقين في الوجود المعاصر. وفي {نسخة} نرى شخصيات حيوانية – إنسانية تتجمل في محاولة بائسة لتقديم شكلها الخارجي بأفضل صورة إلى العالم، في إشارة إلى أن الاعتماد على الجراحة التجميلية وأدوات التعديل الشخصي الأخرى تفضح زيف تقديس الفردية، حيث سهولة خيارات المستهلك المتوافرة في يومنا تسبب لنا في الواقع فقدان فرديتنا. لقد أصبحنا نسخاً بشرية. أضحى كل فرد فينا مشابهاً للآخر. والمخلوقات الهجينة التي يشكلها هذا العمل وأعمال أخرى في المعرض إشارة إلى مقاربة تكريتي الهجينة للممارسة الفنية، بالإضافة إلى ثقافة وميتولوجيا بلده الأم السابق مصر.

نزوح

يطرح الفنان موضوع الهجرة والنزوح في عملين في المعرض. يعرض {أطفال سوريا} مجموعة من الأطفال في مقاعد معلقة في لعبة في مدينة الملاهي، فيظهرون وهم يدورون عالياً في الهواء من دون وجود سماء أو أرض واضحة فوقهم أو تحتهم، فهم بمثابة استعارة للحيوات المعطلة والأطفال المشتتين في سورية التي مزقتها الحرب في السنوات القليلة الماضية. أطفال سورية {ضائعون ما بين السماء والأرض} كما يشير إليهم تكريتي، حيث يدورون بلا نهاية، محاصرين في حالة من النسيان. إنهم في حالة من التشتت والضياع، بين فكي كماشة.

ويبحث عمل {هذه هي لندن} في قضية التعددية الثقافية في العاصمة البريطانية، فاحصاً بوتقة الأعراق والهويات الجنسية التي تعرّف المدينة. مسكوناً بالرموز والقوالب النمطية لحياة لندن الماضية والحاضرة كغرف الهاتف، وعين لندن، وكاميرات المراقبة وراقصي الملاهي الليلية، يتحدى هذا العمل مفهومنا للحرية وبالتحديد حرية اختيار الفرد لهويته الوطنية وبلده.

ولد خالد تكريتي في بيروت عام 1964 حيث أمضى طفولته المبكرة... لاحقاً، درس الهندسة المعماريّة والتصميم في دمشق. عمل في المديريّة العامة للآثار والمتاحف في سورية، وذلك قبل أن يصبح أحد أكثر الفنانين المعاصرين إثارة للجدل في الشرق الأوسط. انطلق في مسيرته الفنية منذ مطلع التسعينيات في دمشق، ثمّ سافر إلى نيويورك عام 1995 حيث مكث عامين وهناك تشرّب الاتجاهات العالميّة، ليعود إلى سورية ثم يستقرّ في باريس منذ عام 2006. عُرضت لوحاته في معارض فرديّة وجماعيّة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وأوروبا والولايات المتحدة...

يعيش تكريتي ويعمل في باريس، أعماله مقتناة في مجموعات تتضمن متحف الفن المعاصر، الدوحة، والمتحف الوطني السوري، والمتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة.