فجر يوم جديد: جمال الروح... وغواية الجسد

نشر في 11-02-2013
آخر تحديث 11-02-2013 | 00:01
 مجدي الطيب لماذا يتجه القيَمون على السينما المصرية إلى الاستعانة بالفتيات الحسناوات اللائي حصلن على لقب «ملكة الجمال» كبطلات على الشاشة؟

إذا سألت المخرجين أنفسهم فلن يتردد واحد منهم في التأكيد بحسم أن واحدة منهن لا تملك موهبة من أي نوع، لكن جمالهن يشفع لهن عند المنتجين الذين تصوروا أن الجمال يكفي كجواز للوصول إلى الجمهور، واختراق النقاد!

أحدث ملكة جمال استعانت بها السينما المصرية في الفترة القليلة الماضية هي سارة شاهين، ملكة جمال مصر العام 2001، التي تحمس لها المخرج أحمد علاء الديب وقدمها في فيلم «الحفلة»، ولم يمانع بالطبع المنتج وائل عبد الله، وأبليت بلاءً حسناً ولكن أحداً لا يعرف أنها خاضت سابقاً تجربة التمثيل في فيلم تلفزيوني بعنوان «خمس نجوم» (2007)، ويومها لم تلفت أنظار الجمهور، ولا اهتمام حاتم موسى مخرج الفيلم نفسه!

لا يمكن القول إن الظاهرة جديدة؛ فقد عرفتها السينما الإيطالية عندما احتفت بالفتاة الشابة كلوديا كاردينالي المولودة في تونس لأب إيطالي وأم فرنسية، عقب فوزها بلقب أجمل فتاة إيطالية في تونس لتصبح واحدة من أهم نجمات لسينما الإيطالية ثم العالمية، وتكرر الأمر مع حسناوات كثيرات من بينهن كيم باسنجر، التي فتح لها لقب «ملكة جمال ولاية جورجيا» باب الأضواء والشهرة؛ إذ انهالت عليها عروض الأزياء والإعلانات، قبل أن تتجه إلى السينما، لتصير واحدة من أشهر نجمات هوليوود، وأبرزهن في سلسلة أفلام جيمس بوند. أما هالي بيري أجمل نجمات هوليوود وأجرأهن، فقد عرفت الأضواء والنجومية بعد حصولها على لقب «ملكة جمال أوهايو»، ووصيفة ملكة جمال الولايات المتحدة.

من ناحيتها، وجرياً على عادتها، استعارت السينما المصرية الظاهرة، وقدمت مريم فخر الدين (أجمل وجه حسب اختيار مجلة «ايماج» الفرنسية العام 1950) وليلى فوزي (في أربعينيات القرن الماضي اختارتها مجلة أميركية كإحدى أجمل حسناوات عصرها) وزبيدة ثروت (اختارتها مجلة «الجيل كأجمل مراهقة واختارتها مجلة «الكواكب» كأجمل فتاة في الشرق العام 1955). لكن الملحوظة الجديرة بالتنويه أن وجود مخرجين يملكون قوة شخصية واستقلالية حال دون هيمنة المنتجين، واختيارهم «ملكات جمال» حسب «المزاج» و»الأهواء الشخصية»، ونجح مخرجو تلك الحقبة في تغليب جمال الروح على غواية الجسد، والانتصار للموهبة على حساب الجهل والدلال الزائد!

مع عام 1971 اتخذت الظاهرة منحى آخر حيث انتهزت شركة أفلام جمال الليثي فرصة الإعلان عن حصول اللبنانية جورجينا رزق على لقب ملكة جمال الكون، وسارعت بالتعاقد معها على بطولة فيلم «غيتار الحب» (1973) إخراج محمد سلمان، وبعدها بعامين (1975) اختارها المخرج الكبير عاطف سالم لبطولة فيلمي «باي باي يا حلوة» و»الملكة وأنا». ولكن الظاهرة تراجعت قليلاً قبل أن تعود العام 2000 مع تقديم المخرج رأفت الميهي لعارضة الأزياء الشابة داليا البحيري (ملكة جمال مصر العام 1990) في فيلم ‹›علشان ربنا يحبك››، لكنه اختارها أثناء عملها كمقدمة برامج على شاشة الفضائية المصرية، بعد عملها كمرشدة سياحية، ويبدو أن داليا وجدت ضالتها في السينما، فما كان منها سوى أن نحت جمالها ولقبها ومن فيلم إلى آخر نجحت في صقل موهبتها، وتعددت مشاركاتها السينمائية والتلفزيونية على عكس أخريات تصورن أن لقب «ملكة الجمال» يكفي، وفرضن أنفسهن بعيداً عن الموهبة، لكن الجمهور قال كلمته عندما رفضهن بالإجماع، وأغلق الأبواب في وجوهن، مثلما فعل مع داليدا (ملكة جمال مصر العام 1951) في فيلم «اليوم السادس» إخراج يوسف شاهين، وإنجي عبد الله (ملكة جمال مصر العام 1999) في فيلم «بدر» بطولة يوسف منصور وإخراجه وكررها مع نور السمري (ملكة جمال مصر العام 2003) التي لا يتذكر أحد أنها شاركت النجم نور الشريف في مسلسل «العطار والسبع بنات» والفنان حمادة هلال في فيلم «الحب كده»!

الرفض نفسه واجه هبة السيسي (ملكة جمال مصر العام 2004) وفوزية محمد (ملكة جمال مصر العام 2006) التي أدركت أن فشلها في مجال التمثيل محتوم ولكنها بعد أن تزوجت كاتب سيناريو، أصبحت القاسم المشترك في بطولة الأعمال كافة التي يكتبها!

تعكس ظاهرة تحول «ملكات الجمال» إلى «ممثلات» فساداً وإفساداً للحياة الفنية عموماً؛ لأنها تؤكد الرغبة اليائسة من المنتجين في الثراء السريع، والسعي المرضي من المراهقات والحسناوات، في الاستحواذ على المال والشهرة، فضلاً عن البريق والنجومية بأقل مجهود، وبدلاً من تحقيق أطماعهن بأساليب ملتوية، وعبر أبواب خلفية مشبوهة، اخترن تحقيقها عبر بوابة الفن والتمثيل!

back to top