انقضى الأسبوع الماضي بكل أحداثه الدراماتيكية بإبطال برلمان قائم، والدعوة إلى برلمان جديد بعد 35 يوماً، عبر انتخابات نيابية جديدة حاسمة في المرحلة المقبلة. ورغم التقييمات المختلفة لحكم المحكمة الدستورية الذي أربك حسابات كل الأطراف، سواء الموالاة أو المعارضة، فإن الاستجابة لهذا الحكم من قطاع عريض من الطيف السياسي والحكومة عنصر إيجابي مهم للديمقراطية ودولة المؤسسات الكويتية.

Ad

ولكن بعض المعارضة مازال يصر على أنه يمتلك حصرياً وكالة الرأي العام والرغبات الشعبية، اللذين يدعيان معارضتهما للصوت الواحد انتخابياً، ولكنه لا يقدم مرجعية علمية وذات مصداقية تثبت ادعاءاته تلك، سواء بالحضور في تجمعاته وفعالياته الأخيرة التي افتقدت بشدة الحضور الشعبي، رغم أن الحضور في الشارع ليس له أي أثر على القرار وآلية التمثيل في الدول الديمقراطية الراسخة التي تحددها الصناديق الانتخابية فقط.

ومع هذا لو قبلنا بأنهم، أي الأغلبية المبطلة في مجلس 2012 الأول، يمثلون الأغلبية الشعبية فما هي الآلية القانونية لهم لتظهير ذلك، أليست هي الانتخابات، خاصة بعد أن أثنت المحكمة الدستورية في أكثر من صفحة في حكمها الأخير على آلية التصويت بالصوت الواحد للناخب كآلية معتمدة في كل النظم الديمقراطية الحقة؟

بالتأكيد، إن المنصف والعاقل لن يجد وسيلة لإظهار شعبية أي تجمع أو تنظيم سياسي إلا عبر الانتخابات العامة، ولذلك فإن الانتخابات المقبلة هي الفرصة الذهبية للمعارضة لتعود إلى البرلمان كأغلبية تفرض من خلاله رغبتها في تغيير النظام الانتخابي كما تشاء، ولكن عبر انتخابات تمثل الجميع وليس بنظام الأربعة أصوات الذي كان يُمكن تجمعاً عرقياً أو سياسياً من فرض ممثلي الدائرة عبر "القلص" أو الانتخابات الفرعية، وعندما يأتي برلمان متوازن يمثل الجميع يمكن للأغلبية أن تُفعل أدواتها لتفرض النظام الانتخابي الذي تريده.

وخلاف ذلك من خطابات فرض الإرادة بالقوة لن يكون مجدياً ويعرض البلاد لجولات جديدة من المواجهات العبثية في ظل الأوضاع الخطيرة التي تحيط بالمنطقة والكويت، لاسيما لموقعها الجغرافي وتركيبتها السكانية. لذلك نحن جميعاً أمام فرصة وطنية تاريخية وذهبية لمصالحة وطنية ينخرط فيها الجميع لأنه لا أحد أكبر من وطنه مهما كان وضعه كقطب اجتماعي أو زعيم سياسي أو فعالية اقتصادية.

وتاريخ الكويت قائم على التسويات والتوافق ولن يستطيع أحد أن يفرض كل ما يريده بالقهر لاسيما بعد أن أثنت المحكمة الدستورية على قرار القيادة السياسية في اتخاذ خيار الصوت الواحد.

ولذلك أتوقع أن تكون ردة الفعل الشعبية إيجابية ومتفاعلة بشكل كبير في الانتخابات البرلمانية في 25 يوليو المقبل، وسيقدر الكويتيون عالياً كل من سيشارك بالترشيح فيها لأنه سيحاول طي صفحة الجدل العبثي الذي أضر بالبلد وزعزع استقرارها خلال السنوات الأخيرة، لذا ندعو الجميع ألا يضيعوا على الكويت هذه الفرصة الذهبية لمعالجة جروحها وانطلاقها نحو مرحلة جديدة من التنمية والاستقرار، خاصة في ظل التشريعات الأخيرة التي أقرت والمتعلقة بمكافحة الفساد وكشف الذمة المالية.