صدمة نفطية جديدة... وعكسية!

نشر في 13-01-2013
آخر تحديث 13-01-2013 | 00:01
 عبدالمحسن جمعة تفاعلت قضية تحول الولايات المتحدة الأميركية إلى المنتج الأول للنفط في عام 2017، واستغنائها عن نفط منطقة الشرق الأوسط لاحقاً، التي كنت أول من طرحها محلياً في منتصف شهر نوفمبر الماضي، بناء على تقارير دولية وتصريحات للرئيس الأميركي باراك أوباما، وبدأت تلك القضية تأخذ صدارة اهتمامات سياسيين واقتصاديين ومتخصصين في الشؤون النفطية، رغم غياب من البعض الآخر، الذي يصرعنا بترديد مسمى "خبير نفطي" أو "خبير استراتيجي" قبل اسمه، عن مناقشتها، وعدم قدرته على البحث وتناول هذا الموضوع الحيوي والمصيري لدولة الكويت وكل الدول النفطية الشرق أوسطية، وتحديداً في ما يتعلق بموضوع الصخور الزيتية وقدرتها على أن تكون مصدراً جدياً واقتصادياً لإنتاج النفط.

رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون أشار في ندوته الأخيرة إلى التحدي الاقتصادي الذي ستواجهه الكويت ودول الخليج نتيجة استغناء أميركا عن نفطنا بعد خمس سنوات، وكذلك قدم الأستاذان د. عباس المجرن ود. خالد محمد بودي مقالات قيمة عن الموضوع استنتجت منها ومن مقالات وبيانات أخرى أن سوق الطاقة في طريقه إلى ثورة، وربما صدمة نفطية جديدة، لكنها هذه المرة ستكون عكسية وستضرب المنتجين، بعد التغييرات التي ستنتج عن فتح جميع المكامن النفطية في الأراضي الأميركية وثورة نفط الصخور الزيتية وشبكات الغاز الطبيعي الهائلة التي يتم إنشاؤها حول العالم وخاصة في الجزء الغربي منه.

أنا لست خبيراً نفطياً أو متخصصاً في شؤون الطاقة، لكنني متابع جيد لكل ما يتعلق بهما منذ زمن طويل، لأن النفط مصدر رزق وطني ودخلنا جميعاً ككويتيين، وسبب رفاهيتنا وحفظ أمننا الوطني الذي يتداعى العالم للمشاركة فيه لتأمين إمدادات النفط له، ونظرا لما قرأت وتابعت فإنه لا يوجد شيء مؤكد 100 في المئة في مجال الطاقة، لكن هناك أساليب علمية للقياس والتوقع، وهذه الأساليب تقول إن إنتاج برميل النفط من الصخور الزيتية يكلف حالياً 80 دولاراً، ويمكن أن ينخفض قليلاً مع تطور التكنولوجيا الحثيث، خاصة أن الولايات المتحدة سمحت بتزويد الصين بهذه التكنولوجيا  المعقدة وقريباً الهند أيضاً، رغم مساوئها البيئية لأسباب مجهولة تسعى لها واشنطن بشكل سريع لتفقد نفط الشرق الأوسط قيمته، رغم تحفظات أميركا في نقل التكنولوجيا بشكل سريع إلى بكين ودول البريكس.

باختصار ووفقاً لرؤى بعض المتخصصين فإن إبطال هذه المحاولات لن يتأتى إلا بتراجع أسعار برميل النفط إلى ما دون 80 دولاراً أميركياً حتى يصل إلى حد 60 دولاراً، ليصبح إنتاج النفط من الحجر الزيتي مكلفاً وغير اقتصادي، ويشكل عبئاً ضخماً على الميزانية الأميركية لو استمرت في تقديم الدعم لهذا الإنتاج، لاسيما ان الميزانية الفدرالية تعاني بشدة الدين العام وصراع ضريبة الفقراء والأغنياء بين سياسييهم، وهذا النهج طبعاً يحتاج من الدول النفطية أن تضع مصلحتها أولاً وقبل ما سيحدث في أميركا عبر العمل على خفض الأسعار على المدى المتوسط من خلال زيادة الإنتاج.

وبالتأكيد فإننا في الكويت سنعاني تراجع أسعار النفط، لكننا يجب أن نتكيف من الآن فصاعدا مع صدمات النفط العكسية في سوق الطاقة المتقلب، وأن نفكر جدياً في الإصلاح الاقتصادي الحقيقي وليس الإصلاح المقتصر على "باب الرواتب"، عبر مراجعة تكاليف المشاريع ورسوم أراضي الدولة التي توزع في المشاريع الكمالية مثل "المولات"، والضريبة التصاعدية على الدخل، على أن تستمر في المقابل مشاريع التنمية المهمة من الفوائض المتراكمة لتشكل دخلاً بديلاً حقيقياً للدولة.

back to top