قراءة أولية في نتائج الاستفتاء
بعد أن أعلنت النتائج الرسمية للاستفتاء على الدستور المصري، ومن خلال دراسة بعض الأرقام، وفي محاولة لقراءة دلالات هذه الأرقام والنتائج يمكن ملاحظة الآتي:أولاً: الفرق بين نعم ولا كبير جداً بصورة غير متوقعة، فقد بلغ 30% وكان متوقعاً (5- 10%) خصوصاً مع الضجيج الإعلامي وتأكيد "جبهة الانقسام" أن الشعب كله يرفض الدستور.
ثانياً: المحافظات التي كانت جبهة الانقسام تعتمد عليها في رفض الدستور، لوقوع أحداث كارثية بها كأسيوط وسيناء، أو لاعتماد مواطنيها على السياحة كالأقصر وسيناء، جاءت النتيجة مخالفة تماماً، فقد تعدت نسبة الموافقة فيها 75%، أي أنها فاقت الأغلبية الخاصة أيضاً.ثالثاً: أسوان المحافظة التي تغنى بها قادة جبهة الانقسام واحتجوا ورفضوا الجمعية التأسيسية لعدم وجود ممثلين للنوبة بها جاءت أيضاً نتيجتها مغايرة تماماً (أكثر من 75% قالوا نعم).رابعاً: ثانياً وثالثاً تؤكد أن السادة قادة جبهة الانقسام ومحللي الفضائيات وخبراءها ومذيعيها يعيشون حالةً من الانفصال التام عن الشعب وعن المواطن المصري، الذي أثبت أنه أكثر حباً وإخلاصاً لمصر منهم، بل أثبت قدرته على التمييز بين مصلحته الشخصية ومصلحة الوطن.خامساً: لو نظرنا إلى الاستفتاء على أنه اختبار على شعبية الرئيس (كما يدّعي البعض) لوجدنا العجب كله، فقد زادت شعبية الرئيس عن يوم انتخابه منذ 4 أشهر بأكثر من 10%! ولو أخذنا في الاعتبار خسارة الرئيس لكتل تصويتية كبيرة ككتلة صباحي وأبوالفتوح وكذلك كتلة الأقباط، فمعنى هذا أن النسبة زادت أكثر من 20- 25%، مما يؤكد مرة أخرى بُعد جبهة الانقسام وخبراء الإعلام وانفصالهم تماماً عن الشعب.سادساً: في الأسبوع الماضي (15- 22 ديسمبر) ربحت البورصة 13 مليار جنيه، مما يؤكد أن الاستفتاء كان دفعة إلى الأمام بشأن الاستثمار والاستقرار الاقتصادي في مصر إن شاء الله. سابعاً: أثبت الاستفتاء أن العنصرية الفكرية ونظرة الاستعلاء التي يمارسها بعض المثقفين ومن يدعون الخبرة والتحليل ومعرفة خبايا الدستور مع المواطن البسيط جاءت كلها بنتيجة عكسية، فلم يستمع إليهم أو يسير وراءهم معصوب العينين، بل لقّنهم درساً أتمنى أن يستوعبوه.باختصار، جاءت نتيجة الاستفتاء صفعة قوية لكل من يرى نفسه فوق الشعب ووصياً عليه ومتحدثاً باسمه، ولتثبت للجميع أن الشعب وحده هو صاحب القرار.***أحن إلى الكأس التي شربت بهاوأهوى لمثواها التراب وما ضما اليوم 28 ديسمبر يمر 22 عاماً على وفاة والدتي رحمة الله عليها، ورغم السنوات الطوال والأحداث الجسام التي مرت بي خلالها مازلت أرى نفسي رضيعاً يحن إلى صدرها... طفلاً يفرح بحضنها... شاباً يسعد بمرافقتها... رجلاً يستمع إلى نصحها... مازلت أراها أمامي مبتسمة فوق سريرها رغم المرض والوهن الذي أصابها تشكر ربها صابرة راضية شاكرة مؤمنة أن ما أصابها خير وما نزل بها فضل من الله.مازلت أرى وجهها الباسم كبدر السماء، وعينها المخضبة بكحل المساء تناجيني فأسمع همسها وتناديني، فأعدو نحوها تُسعد دنياي ببسمتها وتملأ حياتي بضحكتها. مازال صدى كلماتها يتردد في أذناي داعية بالخير في المساء وبالتوفيق في الصباح. مازالت دعواتها هي كنزي الذي أحرص عليه وثروتي التي أفتخر بها. فاللهم ارحمها رحمة واسعة واغفر لها وسامحها في ما كان بينها وبينك، واشفع لها فيما كان بينها وبين عبادك، وأدخلها مدخل صدق، وأخرجها مخرج صدق، واجعل لها من لدنك سلطاناً نصيراً. "إن المتقين في جنات ونهر* في مقعد صدق عن مليك مقتدر". صدق الله العظيم.