ما قل ودل: ماذا حدث لدور العدالة وهيكلها ومحرابها؟
![المستشار شفيق إمام](https://www.aljarida.com/uploads/authors/67_1682522878.jpg)
ووقف في قفص الاتهام فيها من تولوا رئاسة مجلس الوزراء في مصر، الدكتور أحمد ماهر باشا ومحمود فهمي النقراشي باشا، واختيرت هذه القاعة لعقد جلسات مجلس تأديب لرئيس مجلس الوزراء مصطفى النحاس باشا ورئيس مجلس النواب ويصا واصف، بتهمة استغلال نفوذهما وتقاضوا كمحاميين قبل توليهما هذين المنصبين أتعابا باهظة لا تتناسب مع عملهما، في قضية كانت منظورة أمام مجلس البلاط الملكي، الذي كان يختص بالنظر في قضايا الأسرة المالكة، وأقيلت الوزارة، وبرئ المتهمان مع زميل لهما هو جعفر فخري بك المحامي.وفي هذه القاعة انتقل في بعض القضايا السياسية بعض الأشخاص من مقاعد الشهود إلى قفص الاتهام، وفي هذه القاعة وقف الرئيس الراحل أنور السادات من بين المتهمين في قضية اغتيال أمين عثمان باشا؟ ووقف خلف السهام المدببة التي تحيط بقفص الاتهام المتهمون في قضايا مقتل أحمد ماهر باشا والنقراشي باشا، ومحاولة اغتيال مصطفى النحاس باشا أثناء مرور سيارته في شارع القصر العيني، ونسف بيته بعد هذه المحاولة بثلاث سنوات بسيارة مفخخة.واستمرت الجرائم السياسية تطل برأسها على هذه القاعة وعلى غيرها من قاعات المحاكم الجنائية التي انتشرت في طول البلاد وعرضها لتشهد الحوادث السياسية الكبرى، ولتصبح هذه القضايا جزءا من تاريخ مصر، وكأن كلمة قضاة مصر فيها فصل الخطاب، وعرفت مصر في هذه القضايا قضاة أقاموا العدل ورسّخوا مبدأ سيادة القانون، فكانوا الحصن الحصين للحقوق والملاذ الأمين للحريات.ولم تشهد مصر في تاريخها الطويل حصارا لمحكمة لمنع قضاتها من أداء رسالتهم السامية، كما حدث في حصار المحكمة الدستورية أو رئيسا للدولة يتهم أعلى محكمة في مصر وهي المحكمة الدستورية العليا بالتآمر على المؤسسات الدستورية، وهو ما أعطى الضوء الأخضر لحصار هذه المحكمة.ولم يحدث في تاريخ مصر أن صدر عفو من رئيس الدولة عن عقوبة قبل أن يصدر بها حكم المحكمة، أو أن محكمة امتثلت لهذا العفو وأوقفت السير في الدعوى، وهو ما وعدنا في مقال الأحد باستكماله، إلا أن الأحداث الدامية عقب صدور حكم محكمة جنايات بورسعيد، والتي راح ضحيتها ما يقرب من سبعين مواطناً، وما حدث في قاعة من قاعات قصر العدل في الكويت، عجلني بكتابة هذا المقال، وإلى قراءة للعفو الرئاسي في الأسبوع القادم بإذن الله.