"يعتقد" مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي أن من الأفضل أن تشارك إيران في اجتماع "جنيف2"، حيث هناك دعوات غير مؤكدة لانعقاده منتصف نوفمبر المقبل، وهو أي "سي لخْضرْ" قد قال كنوع "من رفع العتب" إن بإمكان المملكة العربية السعودية وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة التواجد في فضاءات هذا المؤتمر، والمعروف أن هناك فرقاً هائلاً بين المشاركة وبين التواجد، وبين المشاركة وبين الحضور، على اعتبار أن التواجد يعني الحضور لمجرد المراقبة والمتابعة، بينما المشاركة تعني المساهمة الفعلية في المناقشات وفي "اللتِّ والعجن"... واتخاذ القرارات المصيرية.
إن المعروف أن مصير الأزمة السورية التي تحولت إلى حرب ضروس دامية كان منذ اللحظات الأولى في يد الولايات المتحدة وروسيا، وأنه لا يوجد أي قرار بالنسبة إلى هذا الصراع المحتدم في سورية إلا قرارهما، وأن مشاركة الآخرين تقتصر على "العلْم والاطلاع" فقط، وأن نظام الرئيس بشار الأسد هو كـ"الزوج المخدوع آخر من يعلم" وأن الإيرانيين رغم أنهم هم الذين بقوا يخوضون هذه الحرب المدمرة تمويلاً وقتالاً وسياسة... و"تآمراً" ومعارك إعلامية فإنهم لم يدخلوا دائرة اتخاذ القرار إلا بعدما انفتح عليهم الرئيس باراك أوباما كل هذا الانفتاح الذي سيعض أصابع يديه ندماً عليه ذات يومٍ قريب، ولكن عندما يكون قد "فات الفوْت"... وعندما لا ينفع الندم ولا يقدم ولا يؤخر! والمؤكد أن "سي لَخْضرْ" قد تولد لديه هذا الاعتقاد "بأنه من الأفضل أن تشارك إيران في جنيف2" انطلاقاً من معرفته أن هذه الحرب، سابقاً ولاحقاً وبالأساس، هي حرب إيرانية، وهذا ما قاله الولي الفقيه السيد علي خامنئي بعظمة لسانه أكثر من مرة، ويؤكده وجود قوات الحرس الثوري وميليشيات "أبو الفضل العباس" وباقي الشراذم الطائفية الخسيسة في ميادين القتال... وفي كل مكان، من درعا في الجنوب وحتى حلب الشهباء في الشمال، ومن ثم فإنه لا رأي للنظام السوري على الإطلاق وأن حضوره هو من قبيل "المجاملة" وأن الرأي على الطرف الآخر هو أولاً لروسيا الاتحادية وعاشراً للدولة الإيرانية التي من غير المستبعد أن يكون ممثلها في هذا الاجتماع، الذي يُقال إنه سيكون حاسماً، هو الجنرال قاسم سليماني صاحب الحول والطول، والذي لا يستطيع لا رئيس الجمهورية الإيرانية ولا غيره الإقدام على أي خطوة دون موافقته. لقد كان على "سي لَخْضرْ"؛ هذا الدبلوماسي العريق والمخضرم ألا يتسرع ويقحم نفسه في هذه المعمعة المعقدة، فاعتقاده أن من الأفضل أن تشارك إيران في "جنيف2" وقوله إنه بإمكان المملكة العربية السعودية وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة "التواجد"! فقط، سيعرضانه لاعتراضات وانتقادات كثيرة من بينها: لماذا تشارك إيران ويتواجد الآخرون؟ ولماذا تعطى إيران مثل هذا الحق، والمعروف أنها غير محايدة ومتورطة في هذه الحرب حتى "عمامتها"؟! ثم لماذا الحديث عن الحضور السعودي والقطري والإماراتي بهذه الطريقة "الاستخفافية"، المستغربة من رجل كان أحد رموز الثورة الجزائرية العظيمة؛ ثورة المليون ونصف المليون شهيد، والتي كانت مَعلماً رئيسياً من معالم القرن العشرين؟! في كل الأحوال لقد كان على الأخضر الإبراهيمي، الذي يمتاز بسمعة عطرة، والمحترم والمقدر من كل الذين يعرفونه عن قرب والذين لا يعرفونه، ألا يقحم نفسه في هذه القضية المعقدة "منْ يحضر جنيف2 ومن لا يحضر"، فهناك دول أُخرى في هذه المنطقة معنية بحضور هذا الاجتماع من بينها تركيا، ومن بينها كل الدول المجاورة التي استقبلت مئات الألوف من أبناء الشعب السوري الذين لجأوا إليها وزادوا أعباءها أعباء أي المملكة الأردنية الهاشمية ولبنان... ثم كيف يكون دور المملكة العربية السعودية، الدولة الفاعلة والأساسية في هذا الإقليم وفي الشرق الأوسط وفي العالم بأسره، التواجد والمراقبة فقط؟! نحن نعرف أن "جنيف2" ربما لا يعقد إطلاقاً، ونحن نعرف أنه إن عقد فإنه قد يفشل فشلاً ذريعاً، فهناك شروط متبادلة، ليس بين الأميركيين والروس فحسب، بل أيضاً بين النظام ومعه إيران من جهة وبين المعارضة السورية من جهة أخرى، تجعل من رابع المستحيلات جمع كل هذه الرؤوس على "وسادة" واحدة، ولهذا فإنه كان على الأخضر الإبراهيمي ألا يتسرع في دعوة طهران لحضور هذا الاجتماع الذي لايزال انعقاده في بطن الأقدار والغيب، في وقت يقول الإيرانيون إنهم طرفٌ وليسوا وسيطاً، بينما لاتزال قواتهم والميليشيات الطائفية التابعة لها في ميادين القتال!
أخر كلام
لماذا فعلها سي «لَخْضرْ»؟
04-10-2013