وحش فرانكشتين يعود من جديد
لماذا قفزت على الساحة الخليجية فجأة مؤامرة لقلب أنظمة الحكم لدول الخليج يدبرها الإخوان؟ في دولة الإمارات تم القبض على خلية من الإخوان اتهم أفرادها بالتآمر ضد الدولة، وفي الكويت هناك اتهامات عن خلايا أو (خلية) إخوانية تمول رفاقها في دول الخليج...!
مصادر إخوانية ذكرت في خبر لجريدة المصري اليوم "أن دولة الكويت حالياً دخلت مع الإمارات والأردن... (وأن هذه الدول) تسعى إلى هدم التنظيم العالمي للإخوان..." أياً كانت صحة تلك الاتهامات لتنظيم الجماعة والاتهامات المقابلة من الجماعة لدول الخليج والأردن، يظل السؤال السابق قائماً عن المناسبة الزمانية لإعلان الحرب ضد تنظيم الإخوان...! فالمعروف أن دول الخليج ظلت عقوداً ممتدة ومنذ بداية محاصرة تنظيم الإخوان في مصر عبدالناصر في منتصف الخمسينيات هي المراعي الخضراء و"بندروسا" تنظيم الإخوان، فالأبواب شرعت على مصاريعها للإخوان المضطهدين من النظام "الثوري" الناصري، وفي الثمانينيات أضحت أموال "البترو-دولار" الخليجية أكياس التغذية الطبية للمجاهدين الأفغان، وطبعاً كان التنظيم الإخواني في أول قائمة من تصدوا للخطر الشيوعي السوفياتي الكافر وقبره في الدولة الأفغانية، وكان المجاهد الإخواني عبدالله عزام الأب الروحي لأسامة بن لادن، الذي "تطرف" في حربه ضد الكفار السوفيات بعد انسحاب الأخيرين، ليعلن تنظيم القاعدة (وحش فرانكشتين الخليجي- الأميركي) الجهاد ضد الكافر الأميركي وحلفائه من دول الخليج...ذلك تاريخ معروف وليس به جديد، لكن الجديد اليوم هو مناسبة محاصرة الإخوان في دول الخليج! فالإخوان وصلوا إلى كراسي الحكم في تونس أولاً، ثم في مصر، أكبر دولة عربية ومركز ثقل العالم العربي، اعتلى الإخوان الحكم هناك بانتخابات حرة نزيهة، ولم يأتوا للحكم على ظهر دبابة، كما جرت العادة التاريخية في الدول الثورية العربية الآفلة، لكن ماذا عن بقية الأنظمة العربية المتكلسة؟! في سورية يبدو أن الإخوان ستكون لهم اليد العليا في ما لو سقط النظام السوري، وبقيت سورية موحدة غير مقسمة طائفياً (سنة – علويون) وعرقياً (عرب - أكراد). وعدا سورية، هناك "خشية" مبررة أو غير مبررة عند بقية دول النظام العربي بأن الإخوان هم المرشحون القادمون للحكم، فدولنا ليس بها التراث والثقافة الليبراليان كما هو الحال في أوروبا الشرقية بعد سقوط الأنظمة الشيوعية، والطبقة الوسطى فيها مهمشة وملحقة بالجهاز العام للدولة، على ذلك يبقى الإخوان بما لهم من خبرات تنظيمية وتاريخ عريض يمتد في عمق الوجدان العربي هم المهيؤون ليحلوا مكان الأنظمة العربية... فإذا لم يتحقق هذا فالخيار الآخر هو تصدر السلفيات الجهادية الساحة، عندها ستبدأ عملية خلق لـ"وحش فراكشتين" مرة أخرى من أنظمة الحكم العربية، ومن الأفضل أن يوضع قناع تنظيم الإخوان على وجه هذا الوحش، وأن تتم مطاردته من الأنظمة ذاتها التي خلقته بداية، وتحت مبرر وذريعة محاصرة الإرهاب الإخواني ستتم محاصرة الشعوب وأحلامها بالحرية.