لم يُعرف، على وجه اليقين، حتى الآن لماذا طرح رئيس ائتلاف المعارضة السورية الشيخ معاذ الخطيب مبادرة الحوار أو التفاوض مع نظام بشار الأسد بشروط غير مقنعة وغير واضحة وغير محددة، وبلا أي ضمانات ولا فترة زمنية، وهذا كله هو ما أدى إلى كل هذا الارتباك، سواء في أطر هذه المعارضة وتشكيلاتها المتعددة وقياداتها المؤتلفة والمختلفة، أو بالنسبة لأصدقائها ومؤازريها والدول العربية المعنية بكل ما جرى وما يجري في سورية.
والمستغرب فعلاً أن الشيخ معاذ الخطيب بقي متمسكاً بمبادرته هذه التي هي، إذا أردنا قول الحقيقة، بلا لون ولا طعم ولا رائحة، رغم استهزاء نظام بشار الأسد بها، ورغم أن كل المفترض أنهم زملاؤه في الائتلاف المعارض قد قالوا فيها أكثر مما قاله مالك في الخمر، رغم أن الدول العربية المعنية بأغلبيتها، إن لم تكن كلها، قد اتخذت منها موقفاً محايداً رغم تأييد الولايات المتحدة لها، وتشجيع صاحبها على المضي بها حتى النهاية... وأي نهاية؟!يقول الشيخ معاذ الخطيب إن ما قام به مبادرة شخصية، وإن دافعها إحراج النظام، وهو أيضاً السعي إلى إيجاد مخرج لهذه الأزمة ووضع حد، بسرعة، لمعاناة الشعب السوري، وهنا فإن السؤال الذي من الضروري توجيهه إلى هذا الشيخ الجليل هو: هل فعلاً أنه كان يتوقع عندما طرح هذه المبادرة أن بشار الأسد سيلتقطها على اعتبار أنها طوق نجاة له ولنظامه ولبلد تعرض لكل هذا الخراب والدمار، ولشعب نزفت منه كل أنهار الدماء هذه على مدى نحو عامين متلاحقين؟!في اليوم نفسه الذي أعلن فيه الشيخ معاذ الخطيب التمديد لمبادرته، بادر بشار الأسد إلى تأكيد أنه لن يتنازل مهما اشتدت "الضغوط" و"المؤامرات" عليه، وقال إن سورية ستبقى قلب العروبة النابض، وإنها لن تتنازل عن مبادئها وثوابتها مهما تنوعت المؤامرات التي لا تستهدفها وحدها، بل تستهدف العرب جميعهم.وهذا يجب أن يذكِّر الشيخ معاذ الخطيب بتلك النظرية القائلة: إنك إن تراجعت أمام الخصم خطوة واحدة فإنه سيضاعف الضغط عليك ليجبرك على التراجع أمامه عدداً من الخطوات الجديدة... وحقيقة أن بشار الأسد قد فهم هذه المبادرة على أنها بداية الاستسلام، ولذلك فإنه لجأ إلى التصعيد عسكرياً وسياسياً بدون أن يبدي أي اهتمام جدي بهذه القفزة المجانية التي لم تكن ضرورية على الإطلاق.في كل الأحوال هناك معلومات تتحدث عن أن المعارضة تنهمك الآن في إعداد مبادرة فعلية وجدية لتكون بديلاً عن مبادرة الشيخ معاذ الخطيب التي ولدت ميتة.وهذا يعزز الآمال بإمكانية أن يكون هناك هجوم معاكس مضاد لهجوم النظام، وأن يكون هناك إجماع وطني على هذه المبادرة الجديدة، التي يجري إعدادها كي تستقيم الأمور، وتوضع كل الدول التي تتحدث عن حل سياسي للأزمة السورية أمام مسؤولياتها الفعلية والحقيقية.
أخر كلام
مصير «مبادرة» الخطيب!
13-02-2013