إلى متى سيستمر الصمت العربي، الذي يصل إلى حد التخاذل والهوان، على مجازر سورية التي يرتكبها نظام بشار الأسد بحق شعبه مع حلفائه في موسكو وطهران وحتى الضاحية الجنوبية في بيروت؟ إلى متى سيظل دعمنا للسوريين مجرد كلام عن تسليح المعارضة، وإرسال البطانيات والبيوت المتنقلة للنازحين حتى يركنوا فيها لعذاباتهم، وينتحبوا على أهلهم وأبنائهم الذين تركوهم هناك ليواجهوا التقتيل ويعصف بوطنهم الدمار؟

Ad

البعض سيقول: ماذا يمكن أن تفعل الدول الخليجية للشعب السوري المنكوب؟... وهو سؤال يواجه بسؤال أخلاقي وإنساني آخر... ولماذا إن لم يكن لدينا القدرة على دعم الثورة السورية ونصرتها شجعها بعضنا وحرض أبناءها على الاستمرار والانشقاق والاصرار على مطالبهم؟... إنها أسئلة مستحقة لشعب يقتل أطفاله ونساؤه بالسكاكين ويرمون في آبار المياه المهجورة، كما شهدنا في قرية أم عمر في ريف حلب، وهي مأساة تهز الدنيا، لكن الغرب وموسكو وإسرائيل وطهران اختاروا الساحة السورية للمبارزة عليها، ووضع مراكز القوى والنفوذ للخمسين سنة المقبلة، بينما نحن ندير المعركة من خلف شاشتي "العربية" و"الجزيرة" الإخباريتين فقط!

والفاجعة أن دولة بحجم لبنان، بلا إمكانات مالية أو بشرية وساقطة في يد حزب الله، تلعب دوراً مدمراً لسورية، ومن خلفها الإقليم العربي الممتد حتى العراق، ولا يجرؤ النظام العربي على أن يفعل لها شيئاً، لأن هناك شعاراً غريباً عجيباً منشأه خليجي، وهو المحافظة على السلم والأمن والوحدة الوطنية في لبنان! مهما كان الثمن، أي إن لبنان لديه حصانة من أجل حماية 3 ملايين من السنة والشيعة والمسيحيين، مقابل أن يذهب 23 مليون سوري من المسلمين والمسيحيين إلى مصيرهم المجهول وتدمر الشام، لكي نحافظ على لبنان! وهو نفس المنطق الذي تؤيده واشنطن وتل أبيب، فهما يريدان أن تكون سورية "فيتنام" إيران وحزب الله التي تستنزفهما، وتباركان سكوت حكومة وجيش لبنان عن قوافل الامداد والمقاتلين من حزب الله إلى سورية.

ما يحدث في سورية جريمة، والخليجيون مشاركون فيها بتحركهم الخجول وقلة حيلتهم، فعندما يسايرون واشنطن والغرب المشارك مع طهران وموسكو في تدمير سورية وإبادة شعبها عبر المناورات السياسية والمماطلة، ويتغافلون عما تفعله لبنان أو جزء منه يكونون شركاء في الجريمة، ولذلك ندعو المملكة العربية السعودية، التي تقود النظام العربي فعلياً، إلى أن ترفع الحصانة عن لبنان، لتتحمل حكومته وجيشه مسؤولية أفعال ما يحدث على أرضه، ولا يجوز بعد اليوم أن يستغل حزب الله مظلة الحماية للبنان، علماً أن تيار المستقبل وزعيمه السيد سعد الحريري لن ينعم يوماً بحكم لبنان مادامت تشمله هذه المظلة مع بقية المتطرفين المتمردين على الدولة، كما أن جميع الاستثمارات في لبنان ستؤول إلى الفناء إذا ساد حزب الله وسيطر هو وحلفاؤه على الإقليم من البصرة حتى الناقورة.

ولذلك ننتظر كشعوب مفجوعة بما يحدث للشعب السوري من اجتماع اليوم للجنة جامعة الدول العربية الوزارية، بشأن الأزمة السورية في الدوحة، أن توجه على الأقل تحذيراً عربياً رسمياً حازماً إلى الحكومة اللبنانية بشأن غزو ميليشيات من أراضيه للأراضي السورية، وإمهال لبنان الرسمي فترة لوقف ذلك الغزو قبل وضع كل القرارات المناسبة بالمقاطعة والإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية المناسبة ضد بيروت، ودون ذلك هو خذلان وبيع لدم الشعب السوري المنكوب.