تنقل شخصية سياسية لبنانية من» قوى 14 آذار» تعمل على خط تقريب وجهات النظر في شأن الموقف من قانون الانتخابات واحتواء التداعيات الناجمة عن الخلاف في شأن مشروع اللقاء الأرثوذكسي بين كل من حزبي الكتائب اللبنانية والقوات اللبنانية من جهة وتيار المستقبل من جهة مقابلة، عتباً متبادلاً بين الحلفاء في شأن ما وصلت اليه الأمور، وتحميلاً متبادلاً للمسؤولية عما يشكو منه كل من الشريكين المسيحي والمسلم في «قوى 14 آذار».

Ad

وتروي الشخصية المذكورة عتب القوات والكتائب على المستقبل، وفقا للآتي:

1 - يصر تيار المستقبل على عدد من النواب المسيحيين في كتلته في حين يجير «حزب الله» كل النواب المسيحيين للنائب ميشال عون، مما يقوي عون على الساحة المسيحية في مواجهة الكتائب والقوات.

2 - ينعكس الواقع التعددي الإسلامي – المسيحي لكتلة نواب تيار المستقبل على التركيبات الحكومية بحيث جاء التمثيل الكتائبي القواتي شكلياً بالمقارنة مع التمثيل العوني في حكومة «8 آذار» حيث حصل عون على ما يقارب الثلث المعطل لوحده وعلى ثلثي الوزراء المسيحيين.

3 - إن عدم تفهم تيار المستقبل لهذا الواقع يدفع بالمسيحيين على المستوى الشعبي الى حالة من الإحباط والاستقالة من الشأن العام تنعكس على حضورهم في الإدارة والحياة السياسية والاقتصادية مما يزيد من ضعف دورهم الوطني.

في المقابل تنقل الشخصية المذكورة عتب تيار المستقبل على حليفيه القواتي والكتائبي، وفقا للآتي:

1 - لقد عمد تيار المستقبل الى مبايعة حلفائه المسيحيين تمثيلياً على أعلى المستويات فوقف في وجه المطالبة بالمثالثة متمسكاً بالمناصفة بغض النظر عن عدد المسيحيين، وبادر الرئيس سعد الحريري عملياً قبل أكثر من سنة الى ترجمة هذه المبايعة بالإعلان صراحة عن أنه سيصوت لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لرئاسة الجمهورية المقبلة. في حين أن تبني جعجع والكتائب لمشروع اللقاء الأرثوذكسي الذي يقضي بأن تنتخب كل طائفة نوابها وفقا لنظام الاقتراع النسبي يؤدي عمليا الى فوز «قوى 8 آذار» المسيحية والإسلامية بالأكثرية النيابية والى فوز الرئيس نجيب ميقاتي وعدد من حلفائه بمقاعد نيابية للطائفة السنية بما يسمح لـ»حزب الله» وحلفائه بإعادة تسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة، وبطبيعة الحال الى استحالة إيصال جعجع او اي من مرشحي 14 آذار الموارنة الى رئاسة الجمهورية.

2 - يخوض الرئيس سعد الحريري مع حلفائه على مستوى الشرق الأوسط والعالم العربي معركة إسقاط النظام السوري. وقد سبق لـ»قوى 14 آذار» مجتمعة أن أعلنت تضامنها مع الثورة السورية وهو ما يفترض أن ينسحب على موقفها من حلفاء سورية في لبنان. لكن تبني الكتائب والقوات اللبنانية لمشروع اللقاء الأرثوذكسي يعوم حلفاء سورية في لبنان انتخابياً لا بل إنه يعطيهم الأكثرية النيابية التي تسمح لهم بالإمساك بالقرار السياسي دستورياً بعدما كانوا يمسكون به بقوة الأمر الواقع خلافا للدستور والقوانين.

3 - تخوض الدول العربية معركة على مستوى منطقة الشرق الأوسط للحؤول دون تمكن إيران من بسط نفوذها على المنطقة. وتعتبر هذه الدول مسيحيي «14 آذار» لاسيما الأحزاب المسيحية من حلفائها، وتتعاطى معها كشريك في الربيع العربي مع ما يعنيه هذا التصنيف من دعم على أرض الواقع. في حين ان تبني الكتائب والقوات لمشروع اللقاء الأرثوذكسي يسمح لإيران بتثبيت رأس الجسر العسكري الذي أقامته في لبنان من خلال «حزب الله» سياسياً عبر تركيبة نيابية – دستورية تمسك بالقرارات الاستراتيجية للدولة اللبنانية، وتجعل من لبنان قاعدة بديلة لإيران عن سورية بعد سقوط النظام السوري.

وعلى الرغم من أن الشخصية السياسية التي تروي هذا العتب المتبادل تحرص على عدم إبداء موقف من صاحب الحق والمخطئ في ما وصلت اليه الأمور، فإنها تحذر من أن ما نجحت قوى 14 آذار من تلافيه على مدى السنوات الثماني الماضية من صراع على السلطة مكنها من الحفاظ على حضورها ومنع الانقضاض الكامل على مفاعيل ثورة الأرز وانتفاضة الاستقلال، يمكن أن يقع عشية الانتخابات النيابية المقبلة ما لم يبادر كل من تيار المستقبل والقوات اللبنانية وحزب الكتائب الى إعادة حساباتهم والتعاطي مع الواقع اللبناني من منطلقات استراتيجية لا من منطلقات المحاصصة السلطوية.

وأكثر ما يخيف الشخصية المذكورة أن تنتهي الأمور بتسوية سياسية على قانون الانتخابات بين السنة والشيعة يلتحق فيها النائب وليد جنبلاط، فيدفع المسيحيون في لبنان ثمن غرق قياداتهم في حساباتهم السلطوية والفئوية والفردية الداخلية.