العلماء في السينما المصرية... أعمال قليلة وواقع مؤسف

نشر في 01-04-2013 | 00:01
آخر تحديث 01-04-2013 | 00:01
No Image Caption
بعد عرض «فبراير الأسود»

فتح عرض فيلم {فبراير الأسود} ملف شخصية العالِم في السينما المصرية بعدما أخرجها من الصورة النمطية التي عرفت بها، ما أثار علامات استفهام حول اتسام صورة العالم في السينما المصرية عموماً بالسخرية والاستهزاء من أعماله وطريقة تفكيره، ومدى قدرة السينما على عرض مشاكله بصدق؟
تقاطعت شخصية العالِم في السينما المصرية على الدوام بثلاثة أنواع: يواجه البعض ضغوطاً من جهات أجنبية للاستيلاء على اختراعاته وجذبه للعيش في الخارج، و يرفض البعض الآخر ويصرّ على التمسك بوطنه حتى لو كان مصيره الموت، وفئة ثالثة تحلم بالهجرة والعمل في أي بلد آخر يحترم علمها وتقدره.

يوضح مؤلف {فبراير الأسود} ومخرجه محمد أمين أن الفيلم يدعو إلى أن يحتلّ أصحاب المناهج العلمية الصفوف الأولى ويؤكد أنهم يستحقون الظهور وعرض مشاكلهم وحياتهم التي لا يسلّط الضوء عليها.

يضيف: {اختلفت فكرة الفيلم عن الأعمال السابقة لأن هؤلاء المبدعين يفتقدون  إلى التقدير، وهذا المبرر كفيل بجعلهم يغادرون الوطن لشعورهم بالإهانة، مع أن الهروب ليس الحل، لكن إذا ابتكر عالِم علاجاً لفيروس سيئ ويحتاج إلى أدوات معينة لتنفيذه لا يقدمها له بلده، فلا يلام على سفره بل يُطلب منه ذلك}.

يشير أمين إلى أن الفيلم يعرض حياة أسرة عالم تعاني فوبيا الإهانة وإهمال الدولة لها، فراحت تبحث عن سند لها بطرق مختلفة مثل خطبة ابنتها إلى ضابط شرطة وأخرى إلى ابن أحد القضاة، أو تقديم استعراضات راقصة على وقع موسيقى إيطالية لإقناع السفير الإيطالي بأنها تنتمي إلى أحفاد رومان.

يقارن أمين بين مكانة الرياضيين والعلماء قائلاً: {مع احترامي للرياضيين إلا أنهم حصلوا على حقهم الكامل في عهد النظام السابق، إذ كان رموزه يتحدثون إليهم مباشرة ويحرصون على حضور المباريات، رغم عدم ملاءمة الظروف لذلك، لافتاً إلى أنه كتب جملة حوارية في سيناريو {فبراير الأسود} قالها خالد صالح، وهي أن {الدولة التي تمنح نيشاناً للاعب كرة ولا تعرف صاحب الدكتوراه في علاج فيروس سيئ لا يمكن العيش فيها}.

يرى أن واقع العلماء المصريين أسوأ مما تم عرضه في الفيلم، وأن المبدعين غير معروفين، ويتابع: {اكتشف طالب في كلية الهندسة في جامعة المنصورة عصا ذكية تساعد فاقدي النظر، وصمم آخر سيارة تسير بأشعة الشمس، وغيرهما كثر لا يهتم المسؤولون بمعرفتهم أو حتى التواصل معهم لدعم اختراعاتهم وتنفيذها}.

الموضوع الأساس

يؤكد السيناريست نادر صلاح الدين أن موضوع الفيلم هو الذي يحدد زاوية مناقشة حياة  العلماء، كما حدث في {الرهينة} الذي كتبه منذ سنوات، وكانت قضيته الأساسية هروب الشباب إلى الخارج وتمثلهم بعالم كبير له مكانته يريد خدمة بلده رغم انتفاع بلاد أخرى من علمه.

يضيف: {الأفلام التي تناولت حياة العلماء المصريين قليلة ولا تتعدى 1% لأننا في الأساس مجتمع غير علمي ولا يعتمد على الثقافة، وأن أبحاث هذه الفئة ضعيفة لا ترقى إلى كونها اكتشافاً جديداً}.

يلاحظ أن {العلماء المبدعين سافروا إلى الخارج مثل د. أحمد زويل والمستشار الاقتصادي للرئيس الأميركي أوباما الذي يضع له حلولا اقتصادية عظيمة ونحن نعيش خرابا اقتصادياً، لذا لا يمكننا الحديث عنهم وهم في الخارج، وعدم احترام المجتمع للعلم جعل تناول هذه الشخصيات وفقاً لمقتضيات السيناريو}.

بدوره يشير الناقد نادر عدلي إلى أن السينما والثقافة عموماً لم تحتكا بفئة العلماء، لأن تفاصيل حياتهم لا تغري المؤلفين للكتابة عنها والمخرجين لتقديمها والمنتجين للإنفاق عليها، {هذا سبب قلة الأفلام التي تتناول  حياتهم، وحتى إن وجدت يكون فيها بعض السخرية من العالِم أو من اختراعاته ومشروعاته لجذب المشاهد إلى المضمون، لأنه إذا كان جاداً وصعباً فلن يهتم بمتابعته، لذا السخرية محاولة لتبسيط عمل العلماء للمتفرج وليس الغرض منها التقليل من شأنهم.

يضيف أن الأفلام تعرضت لحياة العالِم من بعيد مثل {الرهينة} الذي ينتمي إلى نوعية الأفلام البوليسية، {السفاح} الذي حاول فيه العالِم (يجسد دوره نبيل الحلفاوي) الاحتفاظ بميكروفيلم الأبحاث النووية، {قاهر الزمن}

(من فئة الخيال العلمي) للمخرج كمال الشيخ ويروي سيرة طبيب يجري تجاربه على الإنسان لتجميد جثته لفترة من الوقت ثم إعادتها إلى الحياة، مشيراً إلى أن الدراما وحدها رصدت ذلك، تحديداً مسلسل {رجل لهذا الزمان} للمخرجة إنعام محمد علي الذي استعرض مشوار حياة د. مصطفى مشرفة.

يوضح أنه إذا تعرضت السينما لحياة العلماء وتم تسليط الأضواء عليها فإنها ستجعل المجتمع يشعر بهم ويحسب حساب هذه الثروة العظيمة.

أخيراً تلاحظ الناقدة ماجدة موريس أن التطورات السياسية التي طرأت على الساحة بعد ثورة يناير وقبلها دفعت العلماء إلى مغادرة البلد، بعد تيقّنهم من أن أفكارهم ستظل حبيسة الأدراج.

تضيف موريس أن أفلام العلماء الموجودة غير كافية لمعرفة حياتهم من الجوانب كافة، معتبرة أن {فبراير الأسود} جاء متأخراً، {فهو يكاد يكون العمل السينمائي الوحيد الذي يناقش مكانة العلماء الحقيقية في دولة لا تعترف بعلمائها، رغم أن جزءاً من عدم حصولنا على ما نستحق كون هؤلاء العلماء في مؤخرة الصفوف وليس مقدمها، وإذا تمت الاستعانة بهم فيكونون مجرد مستشارين أو حضور شرفي غير مؤثر}.

back to top