لم يخصص باروسو بلداً معيناً أثناء خطابه الذي استغرق نصف ساعة، لكن تأتي تحذيراته في الوقت الذي تترنح الحكومة الإيطالية على حافة الانهيار، وتتراجع حكومتها الائتلافية بالتدريج عن بعض الإصلاحات الضريبية التي فرضها ماريو مونتي رئيس الوزراء التكنوقراطي السابق.

Ad

حذر خوزيه مانويل باروسو من أن عدم الاستقرار السياسي هو أكبر تهديد للانتعاش الأوروبي المتقطع بعد ثلاث سنوات من الأزمة في منطقة اليورو.

وقال إن الحكومات ما زالت معرضة لخطر المعاقبة من قبل الأسواق المالية إذا ابتعدت عن الإصلاحات الاقتصادية التي توصي بها بروكسل.

في خطابه السنوي عن حالة الاتحاد الأوروبي، قدم رئيس المفوضية الأوروبية دفاعاً قوياً عن استجابة بروكسل للأزمة، وجادل بأن السياسات التي تقدمت بها تؤتي أكلها أخيراً في أكثر البلدان المتضررة من الأزمة في منطقة اليورو، من البرتغال إلى اليونان. وقال: "تخبرنا الحقائق أن جهودنا بدأت في الإقناع. إجمالي الفروق في فوائد السندات تشهد الآن هبوطاً. أكثر البلدان تعرضاً للمشاكل تدفع الآن فوائد أقل على سنداتها".

لكنه أضاف أن التقدم يتعرض للخطر الآن على أيدي الزعماء الذين يسعون إلى العودة إلى "الوضع الذي كنا عليه"، وقال إن "أكبر خطر نازل" على الجهود الحالية هو التهاون السياسي.

وأكد باروسو: "لن نعود إلى الوضع الطبيعي القديم. لقد رأينا أن كل شيء يلقي بالشك على التزام الحكومات بالإصلاح يعاقَب على الفور".

لم يخصص باروسو بلداً معيناً أثناء خطابه الذي استغرق نصف ساعة. لكن تأتي تحذيراته في الوقت الذي تترنح الحكومة الإيطالية على حافة الانهيار، وتتراجع حكومتها الائتلافية بالتدريج عن بعض الإصلاحات الضريبية التي فرضها ماريو مونتي، رئيس الوزراء التكنوقراطي السابق.

بالمثل، اهتزت البرتغال واليونان في الأشهر الأخيرة، بعدد من حالات الانشقاق عن الائتلاف الحاكم من البرلمانيين المعترضين على استمرار إجراءات التقشف.

في الوقت الذي أطلق فيه باروسو سنته الأخيرة التي يتربع فيها على قمة الفرع التنفيذي للاتحاد الأوروبي، حذر من أن الذين يدعمون التكامل الأوروبي يخاطرون بأن يتم اكتساحهم في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في السنة المقبلة، إذا استمروا في ألعاب إلقاء اللوم هنا وهناك، حيث يشيرون بأصابعهم إما إلى بروكسل أو البلدان الأخرى في الاتحاد الأوروبي.

وقال: "يستطيع كل واحد منا أن يفسر ما فعلنا والسبب فيما فعلنا: هناك صلة مباشرة بين قروض بلد معين ومصارف بلد آخر، بين عمال بلد وشركات بلد آخر. حين تكون في السفينة نفسها، لا تستطيع أن تقول لشخص آخر إن جانبك من السفينة يغرق الآن".

ورغم أن خطابه اشتمل على القائمة المعتادة من المقترحات التشريعية - بما فيها نداء "عاجل" لإكمال الاتحاد المصرفي في منطقة اليورو قبل انتخابات مايو المقبل - إلا أنه اشتمل على واحد من أكثر الدفاعات الشاملة حتى الآن عن استجابة الاتحاد الأوروبي لأزمة منطقة اليورو.

وأشار باروسو إلى أن مثل هذا الدفاع كان ضرورياً، وإلا فإن الجدل السياسي في السنة المقبلة سيهيمن عليه الرافضون للتكامل الأوروبي وخصوم الاتحاد الأوروبي، مضيفا "أعلم أن هناك من يقول إن أوروبا ملومة على الأزمة وصعوبة الحياة. لكن نستطيع أن نُذَكِّر الناس بأن أوروبا لم تكن موجودة عند أصل هذه الأزمة. فقد نشأت عن سوء الإدارة في الماضي والسلوك غير المسؤول في الأسواق المالية".

ولفت إلى أنه لولا الإجراءات التي اتُّخِذت في الاتحاد الأوروبي - وهي حماية القطاع المالي، وتنسيق الإصلاحات الاقتصادية، وتجميع أموال لإنقاذ منطقة اليورو مقدارها 700 مليار يورو - لكان التفكك على الأرجح هو مصير السوق الأوروبية المشتركة ولكان مصير "أكثر البلدان المعرضة للضعف" أسوأ من ذلك.

وتابع "المهم الآن هو كيف نتعامل مع هذا التقدم. هل نعتبره أمراً جذاباً مثيراً للاهتمام أم نقلل من شأنه؟ هل نستمد منه الثقة لإكمال ما بدأنا، أم نهوِّن من نتائج جهودنا؟".

كما اعترف بأن بروكسل ارتكبت عدة أخطاء، حيث قال إن الاتحاد الأوروبي حاول أحياناً إدخال تشريعات في أمور كان من الأفضل أن تُترَك لحكومات البلدان.