انطلاقاً من إيمانه بقوة التكتلات الإقليمية أطلق المغفور له الشيخ جابر الأحمد قبل أكثر من ثلاثين عاماً فكرة تحولت إلى مبادرة  إقليمية، وتمثلت بمنظومة التعاون الخليجي, فحرصت الكويت بعدها على الارتكاز على الروابط الثقافية والتاريخية بين شعوب المنطقة, بالإضافة إلى الحاجة إلى الأمن المشترك، فانسجم قادة دول الخليج مع الفكرة.

Ad

 أقول ذلك في ظل اجتماع قادة الخليج في المنامة هذا العام, وسط  تداعيات التسونامي السياسي العربي الذي تسبب في إعادة ترتيب الأولويات للمنظمات الإقليمية والدولية أبرزها الأمن (أمن المواطن) والاقتصاد، وأصبح موضوع حقوق الإنسان وحق التعبير وحقه في الحصول على المساعدات الإنسانية في مناطق الكوارث أولوية  للاتحاد الأوروبي كمنظومة إقليمية والأمم المتحدة كمنظومة دولية، فهل تتجه المنظومة إلى النسق الدولي، فتتفاعل مع النهج الحقوقي العالمي؟

أما الموضوع أو المتغير الثاني فهو التعاون الاقتصادي الذي تتطرق له المادة الرابعة من النظام التأسيسي الخليجي والخاصة  بالشؤون الاقتصادية والمالية، وتأرجحت ملفاته بين إصدار العملة الخليجية الموحدة والمقررة بداية عام 2010، وغياب دور الأمانة العامة في توفير الدراسات حول الاتحاد النقدي الخليجي ومعاييره.

أذكر أننا اقترحنا قبل عدة أعوام أن تكون القمة موجهة إلى المواطن الخليجي، أي يصبح هو محور اهتمام القادة والمؤسسات الخليجية ويندرج ما يهم المواطن ويمسه بالبيان الختامي لتفعل بعد ذلك آلية تنفيذية تمنحه حق المتابعة والمحاسبة، ولم نلق أذناً صاغية من جهاز مجلس التعاون إنما لقيناها من بعض المؤسسات الاستشارية، فساهمت مشكورة بعرض أهم القضايا الاقتصادية التي تمس المواطن، والمتمثلة بإزالة العقبات أمام أفكار المواطن كإنشاء المؤسسات والمشاريع الصغيرة, وتحفيز المؤسسات المالية لتوفير القروض الميسرة لتحفيز الناشئين في عالم التكنولوجيا والصناعة الخليجية, وإزالة الحواجز والصعوبات التي تواجهها عملية التبادل التجاري بين دول الخليج, تلك الحواجز التي تسببت في تعطيل العديد من المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية الجيدة وإلغائها، أبرزها مشروع شبابي خاص بتجميع أجزاء الحاسب الآلي, تحمست له دولة، واقترحت منح جزء من منطقة التجارة الحرة, وشككت دولة أخرى في هويات وجنسيات أصحاب الفكرة, وترددت دولة من دول التعاون في منح القرض المالي و"هلم جرا"،الأمر الذي يضعنا بواقعية أمام تردي عملية صنع القرار في منطقة الخليج، ويدفعنا إلى مطالبة القمة بأن تكون قمة أفعال لا أقوال.

كلمة أخيرة:

ما زالت القمة الخامسة للمجلس الأعلى لدول التعاون في عام 1984 عالقة في ذهني، والتي عقدت في الكويت في 29 نوفمبر, والتي شهد من خلالها "أهل الخليج" انطلاق صوت "أنا الخليجي"  عبر إذاعة وتلفزيون الكويت، وتميزت تلك القمة "بالبصمة الإعلامية الكويتية"... فهل تستمر؟