في سبتمبر 2010، اتهم وزير المالية البرازيلي غيدو مانتيغا الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم بإشعال "حرب العملات"، مشيرا إلى أن الأسواق الناشئة تعاني بسبب ذلك من هبوط سعر صرف الدولار الذي زاد من تنافسية الصادرات الأميركية في السوق.
تصريحات مانتيغا تلك أشعلت بدورها جدلا استمر حتى أمس.وعادت حرب العملات لتحتل العناوين الرئيسية للصحف في الأسابيع الأخيرة، بعد أن قررت حكومة شينزو أبي في اليابان إنعاش الاقتصاد، وطلبت من البنك المركزي الياباني زيادة معدل التضخم المستهدف إلى 2 في المئة بدلا من 1 في المئة في أقرب وقت، وتنفيذ برنامج لشراء الأصول.وطوال عام 2012 ظلت العملة اليابانية تتأرجح عند نحو 80 ينا للدولار، لكن منذ نهاية العام حتى أمس هبطت إلى 93 ينا مقابل العملة الأميركية.ويتوقع المحللون استمرار هبوط الين بسبب السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي الياباني ورفع المعدل المستهدف للتضخم.وسيكون لهبوط الين تأثير على المصدرين في آسيا، حيث سيجعل ضعف الين الصادرات اليابانية أرخص في الأسواق الخارجية.وقد ارتفع ون كوريا الجنوبية بنسبة 30 في المئة مقابل الين منذ نصف العام الماضي. ولذلك قال مسؤولون كوريون إنهم قد يتخذون إجراءات للحد من تدفق رأس المال إلى الون الذي يؤدي إلى زيادة سعر صرفه.كما عبرت ألمانيا عن قلقها بشأن هبوط الين في الأسابيع الأخيرة. وانتقد رئيس البنك المركزي الألماني ينز فايدمان سياسة البنك المركزي الياباني التي وصفها بـ"الخروقات التي تدعو للقلق"، والتي تنهي استقلاليته.اليورو يهبط من مستويات مرتفعة أمام الدولارتراجع اليورو خلال تعاملات أمس الأول من أعلى مستوياته في عدة أشهر مقابل الين والدولار، مع قيام مضاربين بالبيع لجني الأرباح، إثر صعود العملة الموحدة في حين يسود الحذر في السوق قبل اجتماع البنك المركزي الأوروبي الخميس المقبل.ودفع ضعف بيانات الوظائف في إسبانيا والغموض السياسي في إيطاليا اليورو للهبوط أمام الدولار إلى 1.3574 دولار بانخفاض 0.4 في المئة، بعد أن سجل ارتفاعاً جيداً في تعاملات الجمعة عند 1.3710 دولار، وهو مستوى لم يبلغه منذ أواخر 2011 وبارتفاع أكثر 3 في المئة منذ بداية العام.وانخفض اليورو مقابل الين 0.2 في المئة إلى 126.15 ين منخفضاً من أعلى مستوى في 33 شهرا 126.97 ين الأسبوع الماضي، وسجل الدولار أعلى مستوى في عامين ونصف العام عند 93.10 ين.وقال محللون إن اليورو سيستأنف الاتجاه الصعودي إذا امتنع البنك المركزي الأوروبي عن إبداء مخاوف إزاء المكاسب الأخيرة للعملة في اجتماعه بشأن سعر الفائدة غداً. وقال آدم مايرز، كبير محللي سوق الصرف في كاليون: حين يحجم البنك المركزي عن رفع أسعار الفائدة يوم الخميس، وهو المتوقع فإنه سيكون بمقدور اليورو التحرك صعوداً، لكن في ظل الغموض الذي يكتنف الاجتماع، فمن المرجح أن ينخفض اليورو قليلاً أو يتحرك صعوداً وهبوطاً في نطاق ضيق.(رويترز)تسييس سعر الصرفويقول محللون إن سياسات "إفقار الجار" وسياسات الرد بالمثل هي ذاتها التي أدت إلى وضع القيود على رأس المال، وفرض القيود على التجارة العالمية في بداية ثلاثينيات القرن الماضي، بحيث خنقت التجارة الدولية وتسببت في الكساد العظيم.وفي وصفه لسياسة الحكومة اليابانية، قال فايدمان "سواء أكانت تلك السياسة عن قصد أم لا، فإن إحدى نتائجها ستكون بلا شك تسييس سعر الصرف".وأضاف أن "نظام النقد الدولي استطاع أن يتخطى الأزمة العالمية دون تخفيضات تنافسية في أسعار الصرف"، وأعرب عن أمله أن يظل الوضع كذلك.وتتحرك العملات ليس فقط طبقاً لحركة التجارة ولكن أيضا حسب الفروقات بين أسعار الفائدة، لكن مع وصول أسعار الفائدة إلى الصفر تقريبا في الغرب، فإن القواعد الأساسية لم تعد هي المعيار، حيث أصبح المعيار هو كميات العملة التي تقوم البنوك المركزية بطباعتها.وفي حال سمح للحكومات بالمنافسة في مجال أسعار الصرف عن طريق خفض أسعار الفائدة، أو تغيير مسميات الضرائب، أو تطبيق سياسات مالية لخفض قيمة عملاتها، فإن حرب العملات ستبدأ وقد لا تنتهي. وقد تكون النتيجة اشتعال حروب حمائية كالتي تسببت في الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي.التيسير الكميإن المنافسة القائمة بين ما يسمى "الاقتصادات المتقدمة" هي ذاتها نتاج محاولات السياسيين عن طريق ما يعرف بالتيسير الكمي لزيادة أسعار الأصول بصورة اصطناعية، ومساعدة البنوك الخاسرة، وخفض العائد على السندات الحكومية، وفي نفس الوقت خفض قيمة الديون المتراكمة على الحكومات.إن هذه السياسة -التي تعتبر جيدة بالنسبة لنخبة غربية مالكة للأصول- تعتبر كارثة لمدخرات الطبقة المتوسطة ولأصحاب المعاشات، حيث تؤدي هذه السياسات إلى خفض قيمة مدخراتهم.يضاف إلى ذلك أن هذه السياسة قد تتسبب في حرب عملات تؤدي إلى الحمائية وكل ما يتمخض عنها من نتائج وخيمة.وبإلقاء نظرة على ضخامة أسواق العملات يمكن توقع ضخامة النتائج. فسوق العملات له ثلاث صفات رئيسية، فهو أولا ضخم جدا، حيث تصل قيمة التعاملات فيه إلى ما بين 4 و5 تريليونات دولار يوميا، أي ما يمثل 13 ضعف النشاط الاقتصادي في العالم. ثانيا ان قيمة العملات أحيانا تعتبر بعيدة جداً عن الأسس الاقتصادية. وثالثا أنه من الصعب توضيح قيمتها على أساس الناتج المحلي الإجمالي للدول، فمثلا من الصعب توضيح لماذا كان اليورو يساوي 84 سنتا أميركيا في عام 2000، ثم ارتفع ليساوي 1.60 دولار في 2008، لأن قيمة الاقتصادين الأميركي والأوروبي لم تتغير قط بتلك النسبة.
اقتصاد
شبح «حرب العملات» يثير القلق من جديد
06-02-2013