مسلسلات رمضان لعام 2013 تكشف بوضوح علاقة الفن والأدب والثقافة بالحياة، فأغلب الأعمال الفنية فيه، تناولت الثورة المصرية منذ بداياتها المسماة بالربيع العربي حتى تصحيح مسار هذا الربيع بعزل الرئيس الإخواني مرسي وإلى يومنا هذا، والجميل أنها تناولت طرح القضايا من عدة زوايا سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية وأخلاقية وعلى كل المستويات التي لها ارتباط وتشابك معها، مما جعل منها سجلاً موثقاً لها، كما أنه وضعها تحت كشاف نور ساطع كشف جميع تفاصيلها لمن يجهلها ولم يدرك أبعاد الصورة.
أعمال فنية كثيرة كالعادة ولم تؤثر الثورات على إنتاجها، مما يضع المشاهد في حيرة الاختيار، كما أن مستوى الدراما التلفزيونية من حيث الإنتاج والديكورات ومواقع التصوير الخارجي والإضاءة وارتفاع مستوى القدرات التمثيلية خاصة لدى الممثلين الشباب، وكذلك التطور المذهل في مستوى الإخراج وكتابة النص، وشدة المنافسة ما بين المسلسلات المصرية والسورية والخليجية التي دخلت بقوة واحتلت مساحة كبيرة في العرض التلفزيوني، كلها أمور ساعدت في إنتاج مسلسلات متميزة بطرحها لقضايا من منظار وعي جديد.ومن هذا الطرح الكبير، اخترت متابعة مسلسل «اسم مؤقت» للنجم الصاعد بقوة يوسف الشريف الذي يتميز بطريقة تمثيل مختلفة عن غيره، فهي عميقة وهادئة في ذات الوقت، والمسلسل عبارة عن تجميع لسيرة سياسيين وناس مختلفين، وأيضا لأحداث باتت معروفة للجميع وإن كان المسلسل يتبرأ من هذا التشابه، لكنه مطابق للواقع ومنقول عنه، وهذا مما جعلني أتساءل عن دور المؤلف في المسلسل، وأنه من السهولة كتابة مسلسل في أي وقت طالما كانت الأحداث منقولة من الواقع إلى الورق، لكن بمضي الحلقات بات تجميع أجزاء الصورة المفتتة في أحداث حصلت في أوقات مختلفة ومعروفة في مصر ولم تجد لها تفسيراً محدداً، وواضح أنها جزء من واقع فاسد بالتمام، والمسلسل أوجد رابطاً ما بين كل هذه الأحداث المختلفة حتى وإن كان هذا الرابط متخيلاً، فهو في رأيي جمع صورة واضحة تمام الوضوح لفساد زمن كامل وتورط كل من أداره فيه.الخلطة عبارة عن مقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم واتهام رجل الأعمال هشام طلعت والضابط السكري بمقتلها مع أشخاص آخرين، ويضاف إلى الخلطة الرئيس مرسي العياط وحازم صلاح أبو إسماعيل الذي عُزل من الترشيح بسبب حصول أمه على الجنسية الأميركية، والدكتور البرادعي، وأيضا حادثة اختفاء الصحافي رضا هلال في عام 2003 التي اتهم فيها ابن الرئيس السابق جمال مبارك، وحوادث عديدة معروفة في المجتمع المصري كلها ضُربت في خلاط فساد شمل وغطى معظم رجال الإدارات المصرية، وبمشاهدة هذا المسلسل الدرامي الأكشن ستتضح الخيوط التي ربطت ما بينها.المسلسل الثاني هو» بدون ذكر أسماء» للكاتب القدير وحيد حامد الذي أيضا وثق قصصاً وأحداثاً بعضها واقعي ومأخوذ من المجتمع. ميزة هذا المسلسل أن تفاصيل كل شخصية مرسومة بدقة عجيبة لدرجة تنسيك واقع التمثيل، الذي أداه الجميع مهما صغرت مساحة الدور فهو فيه بطل، ولا يوجد مشهد مترهل أو فائض أو بطيء، مثل كافة أعمال وحيد حامد الذي كتب من قبل مسلسل الجماعة الرائع، وهو يستحق المشاهدة بحق، كما أنه قدم المغنية روبي بدور يحسب لها طول العمر.المسلسل الثالث « نكدب لو قلنا ما نحبش» من بطولة يسرا ومصطفى فهمي ومجموعة من الممثلين الشبان المتميزين، فريق أدارته يسرا بنجاح العمل الجماعي، كم أنها قامت بدور أمومة بجدارة، وربما ما شدني إلى المسلسل هو طرحه للعلاقة ما بين الأبناء والأمهات والآباء في زمننا هذا الذي ضاعت فيه حدود العلاقة، وباتت فيه الصداقة هي رمز العلاقة، والصداقة لا ترتقي أبد إلى دور الأمومة.المسلسل الرابع «ذات» وهو عن رواية لصنع الله إبراهيم ومن إخراج كاملة أبو ذكري وإعداد مريم نعوم وتمثيل نيلي كريم وباسم السمرة، مسلسل اكتملت له كل عناصر النجاح بهذا الفريق الناجح، وأحداثه المرتبطة بزمن جيلي، لدرجة أن بعض الأحداث التي جاءت ما بين سنة 84 و85 تذكرت كل تفاصيلها، فقد كانت من أهم أحداث حياتي، وهذا ما يربط الفن والأدب بحياة الناس.
توابل - ثقافات
الفن والثورات
29-07-2013