أعلنت شركة نفط الكويت أنها انتهت من عمليات التحكم والإغلاق النهائي للبئر RA-484 في منطقة الروضتين شمال الكويت بتاريخ 1 مارس الجاري، وذلك بعد أن تمكنت من ايقاف تدفق النفط والغاز من البئر المشتعلة في 7 فبراير الماضي، لكنها استمرت في عمليات الاغلاق المحكم والنهائي للبئر منذ ذلك الوقت تماشيا مع المتطلبات والشروط العالمية في الصناعة النفطية لمثل هذه الحالات، التي تتطلب اجراءات وعمليات هندسية وفنية دقيقة من قطع انبوب الحفر وضخ الاسمنت على عدة مراحل، والتأكد من اغلاق البئر بشكل نهائي.

Ad

وعن هذا الموضوع قال نائب العضو المنتدب لجنوب وشرق الكويت في شركة نفط الكويت هاشم هاشم في حوار لـ"الجريدة"، إنه منذ بداية الحادث حرصت الشركة على تسخير جميع امكاناتها في سبيل مكافحة التسرب والسيطرة على البئر، إذ شكلت فريق المكافحة والسيطرة على البئر بالاستعانة بالخبرات الموجودة بالشركة، بالإضافة الى الخبرات العالمية متمثلة بشركةWild Well Control المتخصصة في مكافحة والسيطرة علي آبار النفط والغاز المشتعلة، مشيرا إلى ان الشركة استنفرت جميع فرق المساندة فيها من دعم فني ولوجستي لمساندة الفريق من معدات وآليات وعمليات مد خطوط الماء، حيث تم تفعيل مركز إدارة الازمات في المكتب الرئيسي ومركز قيادة وإدارة العمليات في الموقع.

تحديات فنية

وأضاف هاشم أن هذا الحادث شكل تحديا فنيا فريدا من نوعه حتى على المستوى العالمي، نظرا لعدة عوامل:

1- يعد البئر من الآبار العميقة ذات الضغط العالي حيث تختلف عن الابار التطويرية من ناحية التصميم الهندسي.

2- وجود النسبة العالية جدا من غاز كبريتيد الهيدروجين (H2S) ما يطلب اجراءات سلامة استثنائية من عمليات قياس ومراقبة على مدار الساعة لقياس نسب الغازات في الموقع وفي مدينة الكويت ومناطق اخرى.

3- وجود معدات برج الحفر المحترق فوق رأس البئر وقد تطلب ازالة هذه المعدات الكثير من الجهد والوقت والمعدات، حيث يعد هذا البرج من اكبر ابراج الحفر البرية في العالم المخصصة لحفر الآبار العميقة.

4- تدفق النفط والغاز لأول مرة من عدة طبقات ذات ضغط عال جدا Super Pressure Zone  لها خاصية طبقات المحابس النفطية، وصعوبة التحكم بهذا التدفق التحت- سطحي من عمق 13600 قدم، حيث شكل التحدي الأكبر للسيطرة على البئر باعتباره سابقة في حوادث حرائق الابار سواء في الكويت أو الدول النفطية المجاورة.

وأشار هاشم إلى ان هذه العوامل أدت الى بذل جهود مضاعفة في عمليات المكافحة والسيطرة من قبل الفريق المختص لضمان سلامة العاملين والمواطنين خلال عمليات المكافحة والسيطرة على البئر. حيث تطلبت عمليات مساندة ولوجستية ضخمة من داخل وخارج الشركة من اجل دعم العمليات ومن ثم الوصول الى مرحلة السيطرة على البئر.

إجراءات عالمية

وعن الاجراءات المتبعة عالميا في مثل هذه الحوادث قال هاشم ان الشركة تحركت في اتجاهين متوازيين، الأول عملية المكافحة والسيطرة على البئر، ومن ثم تحويل التسرب مؤقتا الى حفرة الحرق المؤقتة، وثم السيطرة النهائية عن طريق برج التدخل المؤقت Snubbing Unit. أما التحرك الثاني فهو البدء بحفر بئر موازية باتجاه البئر المحترقة للوصول الى الطبقة التي حدث بها التسرب والسيطرة عليها من نفس العمق عن طريق ضخ الطين من أسفل البئر.

وأكد أن الفريق المسؤول عن السيطرة على البئر قد تعامل مع العديد من التعقيدات والمشاكل الفنية بمهنية عالية، نظرا لعمق الطبقة التي حدث بها التسرب، حيث انها ليست من الطبقات المنتجة ولا المكتشفة في شمال الكويت. كما أن تضرر مواسير الحفر في البئر المحترقة بسبب غاز كبريتيد الهيدروجين وحجم التدفق الكبير بالإضافة الى الحرارة العالية جراء اشتعال البئر.

ولفت هاشم إلى أن كل هذه العوامل مجتمعة أدت الى تعقيدات غير مسبوقة، وقد بذل فريق السيطرة على البئر محاولات مضنية على مراحل في عملية السيطرة النهائية على البئر التي شارك فيها الفرق المعنية في الشركة، بالإضافة الى الفرق العالمية. إذ قامت هذه الفرق في 20 ديسمبر 2012 بتحويل التسرب والتدفق مؤقتا الى حفرة الحرق مما مكن فريق السيطرة من تركيب منصة وبرج التدخل بمواصفات خاصة للتعامل مع الحالات الصعبة والحرجة لمثل طبيعة هذه الآبار والتعامل مع غاز كبريتيد الهيدروجين السام وأخذ الاحتياطات المشددة واللازمة للمحافظة على سلامة فرق العمل والمنشآت المحيطة بالموقع.

وبين أن الفرق المعنية سيطرت على البئر ونجحت في وقف التدفق بتاريخ 7 فبراير 2013، كما تم إغلاق البئر بشكل نهائي ووفق المواصفات العالمية لمثل هذه الحالات بتاريخ 1 مارس الجاري، مشددا على ان العمليات المعقدة للسيطرة على البئر قد أنجزت دون أية إصابة صناعية على الرغم من الخطورة العالية المحيطة بالعاملين في الموقع، وذلك بسبب اتباع أشد اجراءات والأمن والسلامة في مثل هذه الحالات.