نجومية الفنان... بين صناعتها والحفاظ عليها
عوامل كثيرة تساهم في حفاظ الفنان على نجوميته وتعلق الجمهور به وإقباله على مشاهدة أفلامه، أبرزها التجديد في مضمون أدواره وشكلها وطرح الفيلم في توقيت مناسب يلائم مزاج الجمهور وعوامل أخرى تعزز مكانته في قمة الفن السابع، وما النقد الذي تعرض له محمد سعد في فيلمه «تتح» إلا دليل على أن الجمهور لم يعد يخلع لقب النجومية جزافاً بل يمنحه للفنان الذي يجتهد في تقديم أعمال ترضي ذوقه.
كيف يحافظ الفنان على نجاحه ويظل متربعاً على القمة؟ وهل الإيرادات المرتفعة تسهم في تأكيد مكانة الفيلم أم لا؟ ومتى يكون على الفنان إعادة حساباته وفتح صفحة جديدة مع جمهوره؟يؤكد محمد سعد أنه تعرض لنقد شديد منذ عرض فيلمه الأول {اللمبي}، فنصحه كثر بالابتعاد عن تقديم هذه الشخصية إذا أراد النجاح، وهو ما كان يثير دهشته في ظل ارتفاع إيرادات أفلامه، موضحاً أنه لا يرفض النقد بل يستمع إليه. حتى إن مشاركته في مسلسل {شمس الأنصاري} كانت بناء على نصيحة البعض له بضرورة تقديم عمل فني يضم مساحات تمثيلية واسعة، لكن جاءت النتيجة عكس ما تمنى، إذ كان الوحيد الذي استمتع به، ما عزز قناعته بأن الجمهور اعتاد عليه بشكل معين ويجب أن يقدمه على هذا النحو، إنما بطريقة مختلفة تضيف إلى رصيده الفني ولا تسحب منه.
مؤشر أساسييرى المنتج هاني جرجس فوزي أن الإيرادات مؤشر أساسي على نجاح الفنان، مصنفاً النجاح إلى فني وجماهيري، يقول: {قد ينجح عمل فنياً وآخر جماهيرياً، أعمال نادرة تحقق نجاحين معاً، على سبيل المثال حققت أفلام على غرار {عبده موتة} و}شارع الهرم} نجاحاً جماهيرياً رغم كونها ضعيفة فنياً. في المقابل، اعتاد المشاهد أن يقدم أحمد السقا وأحمد حلمي أعمالا متميزة من النواحي كافة لذا تحقق نجاح فنياً وجماهيرياً وتجني أرباحا هائلة، باعتبار أن الإيرادات أهم العوامل بالنسبة إلى المنتج وفقاً لسوق السينما}.يضيف فوزي: {حقق سعد إيرادات ضئيلة في أعماله الأخيرة مقارنة بمجمل أفلامه، رغم أنها قد تكون أعلى من إيرادات أفلام لنجوم كبار، إلا أنه لم يعد النجم الأول من ناحية الإيرادات، ويشاركه الوضع حلمي الذي قدم أعمالا ذات مستوى فني عالٍ جعلت من الصعب أن يقدم مثلها أهمها: {كده رضا} و}عسل أسود} و}إكس لارج}. الحال نفسه بالنسبة إلى محمد هنيدي الذي حاول تدارك هبوطه السينمائي فقدم فيلم {رمضان مبروك أبو العلمين حمودة} ثم عاد إلى الهبوط مرة ثانية، وقابل أحمد السقا النجاح مجدداً بعدما قدم {مافيا} مع فيلم {الجزيرة} ثم عاد إلى المستوى المتوسط في {الديلر} و}ابن القنصل}.يلفت فوزي إلى أن الموقف نفسه واجهه بعد إنتاجه فيلم {بحب السيما} حتى اندهش البعض من تقديمه بعد ذلك أفلاماً مثل {بدون رقابة} و}أحاسيس} لأن الجمهور لا يدرك أن ثمة أعمالا استثنائية في حياة الفنانين ومن الصعب تكرارها.يشير إلى أن النجاح لدى الفنانين والغرور الذي يصيب البعض منهم يجعله غير مقتنع بفشله وبأن عليه مراجعة خطواته، بل يعتبر أن النجاح الضعيف الذي حققته أفلامه يعود إلى الحالة العامة التي تواجهها سوق السينما عموماً، إلى أن يدرك أن المشكلة لديه وليست لدى السوق.بدوره يوضح المنتج والسيناريست محمد حفظي أن الإيرادات وحدها ليست مؤشراً للنجاح، لكنها ضمن مجموعة عوامل منها: موضوع الفيلم، القيمة الفنية التي يتمتع بها، حسن اختيار النجم الأدوار التي يقدمها... يضيف: {لا يحقق الفنان النجومية بين يوم وليلة والاستمرارية أحد أهم مؤشرات نجاح الممثل. من هذا المنطلق أختار في أعمالي فنانين أصحاب أمانة وجدية في العمل حباً بالفن وليس لكونه وسيلة لجمع الأموال}.شلل وتشتتيرى الناقد د. وليد سيف أن «تتح» يشهد عودة قوية لسعد من خلال سيناريو كتبه سامح سر الختم ومحمد نبوي، قدما فيه قالباً يتضمن حكايات متنوعة ومواقف تصب كلها في رحلة بحث سعد عن ثروة كبيرة، عبر تجارب وخبرات تحوّله من شخص انهزامي وسلبي إلى بطل يواجه المصائب، كل ذلك من دون الإخلال بالإطار الكوميدي العام.يضيف أن مشاكل محمد سعد في أفلامه الأخيرة التي أعقبت «اللي بالي بالك» لم تكن بسبب الإسفاف أو المفارقات غير المنطقية، لأن هذه من مواصفات الفيلم الهزلي، إنما لفشلها في تحقيق وحدة موضوعية، لذلك عجز صناعها عن بلوغ الغرض الأساسي من الفيلم الكوميدي عموماً وهو «الإضحاك»، لأن افتقاد الوحدة أو الإطار كفيل بإصابة الموضوع بالشلل، وغياب التماسك وافتقار الشخصية إلى مقومات أو ملامح رئيسة يحدثان حالة من التشتت، فلا يبقى من مجال للضحك، وتتحول الكوميديا إلى استظراف ويفتقد الجمهور إلى أي تعاطف أو اندماج مع العمل أو الشخصية.بدوره يقول الناقد رفيق الصبان إن الجمهور، في ظل الظروف الخانقة التي يعيشها، يريد مشاهدة أي عمل ترفيهي، مضيفاً أن مشكلة سعد أنه يسير في طريق الخطر بالتكرار وعدم التجديد؛ فرغم الإيرادات الهائلة التي حققها مع عرض {تتح} إلا أنه فشل في تحقيق نجاح فني لاعتماده الحركات الجسدية نفسها، وتجسيد شخصية متخلفة عقلياً تدخل في دراما غير واقعية، وتتصرف من دون منطق وتخطئ في نطقها للكلام... {لذا أردد ومجموعة من النقاد أن سعد ممثل جيد، عليه تجديد أدواره وإلا سيعجّل بهبوط نجمه السينمائي، والدليل استمرار نجاح أحمد حلمي وعادل إمام اللذين يظهران في كل فيلم جديد بأسلوب مختلف شكلا وموضوعاً، ما يعزز نجاحهما نقدياً وجماهيرياً وفنياً، فيما يكتفي سعد بالنجاح الجماهيري}.يضيف أنه لا يمكن لأي شخص دفع الفنان إلى إعادة حساباته، إنما لا بد من أن يكون ثمة وازع في داخله، وأكثر ما قد يدفعه إلى ذلك سقوطه الجماهيري.أخيراً تلفت الناقدة حنان شومان إلى أن التوقيت الذي يعرض فيه فيلم لنجم ما هو الذي يخوله بأن يكون نجم الموسم أو نجما عادياً. كذلك الحال بالنسبة إلى الأفلام المشاركة في هذا الموسم، فقد تكون غير ملائمة لمزاجية الجمهور في هذا الوقت فيرفضها ويختار فيلماً ضعيفاً فنياً. تضيف: {أحياناً تكون السلعة الموجودة فاسدة فتباع على أنها الوحيدة المتاحة وتحقق الرواج؛ حالياً لا يوجد في دور العرض سوى فيلمي {تتح} و}سمير أبو النيل}.